كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

عِنْد الْعَصْر فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَال فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ "
( وَأَعْقَابهمْ )
: جَمْع عَقِبٍ بِفَتْحِ الْعَيْن وَكَسْر الْقَاف وَبِفَتْحِ الْعَيْن وَكَسْرهَا مَعَ سُكُون الْقَاف : مُؤَخَّر الْقَدَم إِلَى مَوْضِع الشِّرَاك
( تَلُوح )
: تَظْهَر يُبُوسَتهَا وَيُبْصِر النَّاظِر فِيهَا بَيَاضًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاء وَفِي رِوَايَة مُسْلِمٍ تَلُوح لَمْ يَمَسّهَا الْمَاء
( فَقَالَ )
: رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( وَيْلٌ )
: جَازَ الِابْتِدَاء بِالنَّكِرَةِ لِأَنَّهُ دُعَاء ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَال أَظْهَرهَا مَا رَوَاهُ اِبْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا : " وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ " قَالَهُ الْحَافِظُ
( لِلْأَعْقَابِ )
: اللَّام لِلْعَهْدِ ، وَيَلْتَحِق بِهَا مَا يُشَارِكهَا فِي ذَلِكَ مَعْنَاهُ : وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَاب الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلهَا ، وَقِيلَ : إِنَّ الْعَقِب مَخْصُوص بِالْعِقَابِ إِذَا قَصَّرَ فِي غَسْله
( مِنْ النَّار )
: بَيَانٌ لِلْوَيْلِ
( أَسْبِغُوا الْوُضُوء )
: أَيْ أَكْمِلُوهُ وَأَتِمُّوهُ وَلَا تَتْرُكُوا أَعْضَاء الْوُضُوء غَيْر مَغْسُولَة ، وَالْمُرَاد بِالْإِسْبَاغِ هَاهُنَا إِكْمَال الْوُضُوء ، وَإِبْلَاغ الْمَاء كُلّ ظَاهِر أَعْضَائِهِ وَهَذَا فَرْض ، وَالْإِسْبَاغ الَّذِي هُوَ التَّثْلِيث سُنَّة ، وَالْإِسْبَاغ الَّذِي هُوَ التَّسْيِيل شَرْط ، وَالْإِسْبَاغ الَّذِي هُوَ إِكْثَار الْمَاء مِنْ غَيْر إِسْرَاف الْمَاء فَضِيلَة ، وَبِكُلِّ هَذَا يُفَسَّر الْإِسْبَاغ بِاخْتِلَافِ الْمَقَامَات كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ . وَقَالَ شَيْخ شَيْخنَا الْعَلَّامَة مُحَمَّدُ إِسْحَاقُ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ : الْإِسْبَاغ عَلَى ثَلَاثَة أَنْوَاع : فَرْض وَهُوَ اِسْتِيعَاب الْمَحَلّ مَرَّة ، وَسُنَّة وَهُوَ الْغَسْل ثَلَاثًا ، وَمُسْتَحَبّ وَهُوَ الْإِطَالَة مَعَ التَّثْلِيث . اِنْتَهَى .
وَالْحَدِيث اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَم جَوَازِ مَسْح الرِّجْلَيْنِ مِنْ غَيْر الْخُفَّيْنِ . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اِخْتَلَفَ النَّاس فِيهَا عَلَى مَذَاهِب ، فَذَهَبَ جَمْع مِنْ الْفُقَهَاء مِنْ أَهْل الْفَتْوَى فِي الْأَعْصَار وَالْأَمْصَار إِلَى أَنَّ الْوَاجِب غَسْل الْقَدَمَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجْزِئ مَسْحهمَا ، وَلَا يَجِب الْمَسْح مَعَ الْغَسْل ، وَلَمْ يَثْبُت خِلَاف هَذَا عَنْ أَحَد يُعْتَدّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع اِنْتَهَى كَلَامه . قَالَ فِي التَّوَسُّط : وَفِيهِ نَظَر ، فَقَدْ نَقَلَ اِبْن التِّين التَّخْيِير عَنْ بَعْض الشَّافِعِيِّينَ وَرَأَى عِكْرِمَةَ يَمْسَح عَلَيْهِمَا ، وَثَبَتَ عَنْ جَمَاعَة يُعْتَدّ بِهِمْ فِي@

الصفحة 171