كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

مَثَلًا فَاسْتَيْقَظَ وَهِيَ عَلَى حَالهَا أَنْ لَا كَرَاهَة وَإِنْ كَانَ غَسْلُهَا مُسْتَحَبًّا عَلَى الْمُخْتَار كَمَا فِي الْمُسْتَيْقِظ .
وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ لِلتَّعَبُّدِ - كَمَالِكٍ - لَا يُفَرِّق بَيْن شَاكٍّ وَمُتَيَقِّن .
قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الشَّافِعِيّ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي مَعْنَى قَوْله أَيْنَ بَاتَتْ يَده : إِنَّ أَهْل الْحِجَاز كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ وَبِلَادهمْ حَارَّة فَإِذَا نَامَ أَحَدهمْ عَرِقَ فَلَا يَأْمَنُ النَّائِم أَنْ تَطُوف يَده عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِع النَّجِس أَوْ عَلَى بَثْرَة أَوْ قَذِر أَوْ غَيْر ذَلِكَ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم .
( أَوْ أَيْنَ كَانَتْ )
: قَالَ الْحَافِظ وَلِيّ الدِّين الْعِرَاقِيّ : يَحْتَمِل أَنَّهُ شَكٌّ مِنْ بَعْض رُوَاته وَهُوَ الْأَقْرَب ، وَيَحْتَمِل أَنَّهُ تَرْدِيد مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالْحَدِيث فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة ، مِنْهَا أَنَّ الْمَاء الْقَلِيل إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَة نَجَّسَتْهُ وَإِنْ قَلَّتْ وَلَمْ تُغَيِّرهُ ، فَإِنَّهَا تُنَجِّسهُ لِأَنَّ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْيَدِ وَلَا يُرَى قَلِيلٌ جِدًّا ، وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ اِسْتِعْمَال الْأَوَانِي الصَّغِيرَة الَّتِي تَقْصُر عَنْ قُلَّتَيْنِ بَلْ لَا تُقَارِبهَا .
وَرَدَّ بَعْضُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ فِي صِنَاعَة الْحَدِيث حَدِيث قُلَّتَيْنِ بِحَدِيثِ الْبَاب وَهَذَا جَهْل مِنْهُ .
وَأَجَابَ عَنْ إِمَام عَصْره ، وَأُسْتَاذ دَهْره الْعَلَّامَة الْمُحَدِّث الْفَقِيه الْمُفَسِّر شَيْخنَا وَمُعَلِّمنَا السَّيِّد مُحَمَّد نَذِير حُسَيْن الدَّهْلَوِيّ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاته بِجَوَابٍ كَافٍ شُفِيَتْ بِهِ صُدُور النَّاس وَبُهِتَ الْمُعْتَرِض .
وَمِنْهَا الْفَرْق بَيْن وُرُود الْمَاء عَلَى النَّجَاسَة وَوُرُودهَا عَلَيْهِ وَأَنَّهَا إِذْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ نَجَّسَتْهُ وَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهَا أَزَالَهَا ، وَمِنْهَا أَنَّ الْغَسْل سَبْعًا لَيْسَ عَامًّا فِي جَمِيع النَّجَاسَات وَإِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْع بِهِ فِي وُلُوغ الْكَلْب خَاصَّة ، وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب غَسْل النَّجَاسَة ثَلَاثًا لِأَنَّهُ إِذَا أُمِرَ بِهِ فِي الْمُتَوَهَّمَة فَفِي الْمُحَقَّقَة أَوْلَى ، وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب الْأَخْذ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَات وَغَيْرهَا مَا لَمْ يَخْرُج عَنْ حَدّ الِاحْتِيَاط إِلَى حَدّ الْوَسْوَسَة .
قَالَهُ النَّوَوِيّ .@

الصفحة 179