كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)
فَاصْطَفُّوا
( فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرهُ )
: وَفِي هَذَا رَدّ عَلَى الرِّوَايَة الْمُرْسَلَة الَّتِي فِيهَا ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى الْقَوْم أَنْ اِجْلِسُوا ، وَسَكَتَ الْمُؤَلِّف عَنْ أَلْفَاظ بَقِيَّة الرُّوَاة ، فَلَعَلَّهَا كَانَتْ نَحْو لَفْظ اِبْن حَرْب وَعَيَّاش . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ . وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ ، وَفِي لَفْظ الْبُخَارِيّ " ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسه يَقْطُر فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ " وَفِي لَفْظ مُسْلِم " حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدْ اِغْتَسَلَ يَنْطِف رَأْسه مَاء فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا " اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة هَذَا فَوَائِد مِنْهَا : أَنَّهُ لَا يَجِب عَلَى مَنْ اِحْتَلَمَ فِي الْمَسْجِد فَأَرَادَ الْخُرُوج مِنْهُ أَنْ يَتَيَمَّم ، وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيّ إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِد أَنَّهُ جُنُب يَخْرُج كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّم وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيث . وَمِنْهَا جَوَاز الْفَصْل بَيْن الْإِقَامَة وَالصَّلَاة ، لِأَنَّ قَوْله صَلَّى بِهِمْ فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ مِنْ طَرِيق أَبِي هُرَيْرَة وَفِي رِوَايَة الْمُؤَلِّف مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْرَة ظَاهِر أَنَّ الْإِقَامَة لَمْ تُعَدْ وَلَمْ تُجَدَّد ، وَالظَّاهِر أَنَّهُ مُقَيَّد بِالضَّرُورَةِ وَبِأَمْنِ خُرُوج الْوَقْت وَعَنْ مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِذَا بَعُدَتْ الْإِقَامَة مِنْ الْإِحْرَام تُعَاد ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْر . وَمِنْهَا : جَوَاز اِنْتِظَار الْمَأْمُومِينَ مَجِيء الْإِمَام قِيَامًا عِنْد الضَّرُورَة وَهُوَ غَيْر الْقِيَام الْمَنْهِيّ فِي حَدِيث " إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي " .
ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّ رِوَايَة أَبِي بَكْرَة الْمُتَّصِلَة وَرِوَايَات مُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَعَطَاء بْن يَسَار وَالرَّبِيع بْن مُحَمَّد الْمُرْسَلَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْدَمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاة وَكَبَّرَ . وَكَذَا رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الَّتِي أَخْرَجَهَا اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، وَاَلَّتِي أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق وَكِيع عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد عَنْ أَبِي ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْد التَّكْبِير وَالدُّخُول فِي الصَّلَاة ، وَحَدِيث@
الصفحة 395