كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)
أَرْضه بِالْجُرْفِ فَوَجَدَ فِي ثَوْبه اِحْتِلَامًا فَقَالَ : إِنَّا لَمَّا أَصَبْنَا الْوَدَك لَانَتْ الْعُرُوق فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ الِاحْتِلَام مِنْ ثَوْبه وَعَادَ لِصَلَاتِهِ . وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق آخَر بِلَفْظِ : أَنَّ عُمَر صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُب فَأَعَادَ وَلَمْ يَأْمُرهُمْ أَنْ يُعِيدُوا .
وَلِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مِنْ الْأَحَادِيث حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا : " الْإِمَام ضَامِن " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَإِسْنَاده صَحِيح ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَد وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ الْهَيْثَمِيّ رِجَاله مُوَثَّقُونَ ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّار أَيْضًا وَرِجَاله مُوَثَّقُونَ أَيْضًا . قَالُوا : إِنَّ الْإِمَام إِذَا فَسَدَتْ صَلَاته فَسَدَتْ صَلَاة الْمُؤْتَمّ ، لِأَنَّ الْإِمَام إِنَّمَا جُعِلَ لِيُؤْتَمّ بِهِ ، وَالْإِمَام ضَامِن لِصَلَاةِ الْمُقْتَدِي ، فَصَلَاة الْمُقْتَدِي مَشْمُولَة فِي صَلَاة الْإِمَام ، وَصَلَاة الْإِمَام مُتَضَمِّنَة لِصَلَاةِ الْمَأْمُوم ، فَصِحَّة صَلَاة الْمَأْمُوم بِصِحَّةِ الْإِمَام وَفَسَادهَا بِفَسَادِهَا ، فَإِذَا صَلَّى الْإِمَام جُنُبًا لَمْ تَصِحّ صَلَاته لِفَوَاتِ الشَّرْط وَهِيَ مُتَضَمِّنَة لِصَلَاةِ الْمَأْمُوم فَتَفْسُد صَلَاته أَيْضًا ، فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ يَلْزَم عَلَيْهِ الْإِعَادَة ، وَيَتَفَرَّع عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَم لِلْإِمَامِ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ أَنْ يُعْلِمهُمْ بِهِ لِيُعِيدُوا صَلَاتهمْ ، وَلَوْ لَمْ يُعْلِمهُمْ لَا إِثْم عَلَيْهِمْ ، وَلِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى آثَار كُلّهَا ضِعَاف .
وَمِمَّا يُحْتَجّ بِهِ عَلَى الطَّائِفَة الْأُولَى بِأَنَّ الْأَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ قَبْل أَنْ يُكَبِّر كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي الْحَدِيث ، فَرِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الْمَرْوِيَّة فِي الصَّحِيحَيْنِ رَاجِحَة ، وَرِوَايَات غَيْر الصَّحِيحَيْنِ الدَّالَّة عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْد التَّكْبِير مَرْجُوحَة ، إِذْ لَا شَكّ فِي أَنَّ التَّرْجِيح لِأَحَادِيث الشَّيْخَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا عِنْد التَّعَارُض . قُلْت : وَإِذَا عَرَفْت هَذَا كُلّه فَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيث أَبِي بَكْرَة الَّذِي صَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَحَدِيث أَنَس الَّذِي صَحَّحَهُ الْهَيْثَمِيّ يَدُلّ عَلَى عَدَم فَسَاد صَلَاة الْمَأْمُومِينَ بِفَسَادِ صَلَاة الْإِمَام لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي الصَّلَاة وَكَبَّرَ النَّاس@
الصفحة 397