كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)
اللَّام وَهُوَ مَا يَرَاهُ النَّائِم فِي نَوْمه يُقَال مِنْهُ حَلَمَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَلَمَ وَالْمُرَاد بِهِ هَاهُنَا أَمْر خَاصّ وَهُوَ الْجِمَاع أَيْ لَا يَذْكُر أَنَّهُ جَامَعَ فِي النَّوْم
( يَغْتَسِل )
: خَبَر بِمَعْنَى الْأَمْر وَهُوَ لِلْوُجُوبِ
( يَرَى )
بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ يَعْتَقِد وَبِضَمِّ الْيَاء أَيْ يَظُنّ
( قَالَ لَا غُسْل عَلَيْهِ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن : ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث يُوجِب الِاغْتِسَال إِذَا رَأَى بِلَّة وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّن أَنَّهَا الْمَاء الدَّافِق ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْل عَنْ جَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاء وَالشَّعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ . وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : أَعْجَب إِلَيَّ أَنْ يَغْتَسِل ، وَقَالَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم : لَا يَجِب عَلَيْهِ الِاغْتِسَال حَتَّى يَعْلَم أَنَّهَا الْمَاء الدَّافِق ، وَاسْتَحَبُّوا أَلَّا يَغْتَسِل مِنْ طَرِيق الِاحْتِيَاط ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرَ الْمَاء وَإِنْ كَانَ رَأَى فِي النَّوْم أَنَّهُ قَدْ اِحْتَلَمَ فَإِنَّهُ لَا يَجِب عَلَيْهِ الِاغْتِسَال . اِنْتَهَى كَلَامه .
قُلْت : مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجَمَاعَة الْأُولَى مِنْ أَنَّ مُجَرَّد رُؤْيَة الْبِلَّة فِي الْمَنَام مُوجِب لِلِاغْتِسَالِ هُوَ أَوْفَق بِحَدِيثِ الْبَاب ، وَبِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ : إِذَا رَأَتْ الْمَاء . وَبِحَدِيثِ خَوْلَة بِنْت حَكِيم بِلَفْظِ : لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْل حَتَّى تُنْزِل . فَهَذِهِ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى اِعْتِبَار مُجَرَّد وُجُود الْمَنِيّ سَوَاء اِنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ الدَّفْق وَالشَّهْوَة أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْحَقّ وَاَللَّه أَعْلَم
( فَقَالَتْ أُمّ سُلَيْمٍ )
: هِيَ أُمّ أَنَس خَادِم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِشْتَهَرَتْ بِكُنْيَتِهَا ، وَاخْتُلِفَ فِي اِسْمهَا
( أَعْلَيْهَا غُسْل )
: بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَام وَعَلَيْهَا خَبَر مُقَدَّم وَغُسْل مُبْتَدَأ مُؤَخَّر
( إِنَّمَا النِّسَاء شَقَائِق الرِّجَال )
: هَذِهِ الْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيل . قَالَ اِبْن الْأَثِير : أَيْ نَظَائِرهمْ وَأَمْثَالهمْ كَأَنَّهُنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ آدَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ، وَشَقِيق الرَّجُل أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ ، لِأَنَّ شِقّ نَسَبه مِنْ نَسَبه ، يَعْنِي فَيَجِب الْغُسْل عَلَى@
الصفحة 400