كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعِم فَرَقًا بَيْن سِتَّة أَوْ يُهْدِي شَاة أَوْ يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام فَقَوْله نِصْف صَاع حُجَّة لَهُمْ ، وَالْفَرَق اِثْنَا عَشَر مُدًّا ، وَالْمُدّ هُوَ رُبْع الصَّاع أَوْ يُقَال إِنَّ الْفَرَق سِتَّة عَشَر رِطْلًا ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْفَرَق ثَلَاثَة آصُعٍ ، وَأَنَّ الصَّاع خَمْسَة أَرْطَال وَثُلُث . وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحُسَيْن بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ وَهُوَ ثِقَة قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو يُوسُف مِنْ الْحَجّ فَقَالَ : إِنِّي أُرِيد أَنْ أَفْتَح عَلَيْكُمْ بَابًا مِنْ الْعِلْم أَهَمَّنِي فَفَحَصْت عَنْهُ فَقَدِمْت الْمَدِينَة ، فَسَأَلْت عَنْ الصَّاع فَقَالَ : صَاعنَا هَذَا صَاع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْت لَهُمْ : مَا حُجَّتكُمْ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالُوا نَأْتِيك بِالْحُجَّةِ غَدًا ، فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَانِي نَحْو مِنْ خَمْسِينَ شَيْخًا مِنْ أَبْنَاء الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار ، مَعَ كُلّ رَجُل مِنْهُمْ الصَّاع تَحْت رِدَائِهِ ، كُلّ رَجُل مِنْهُمْ يُخْبِر عَنْ أَبِيهِ وَأَهْل بَيْته أَنَّ هَذَا صَاع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرْت فَإِذَا هِيَ سَوَاء ، قَالَ : فَعَيَّرْته فَإِذَا هُوَ خَمْسَة أَرْطَال وَثُلُث بِنُقْصَانٍ يَسِير ، فَرَأَيْت أَمْرًا قَوِيًّا ، فَتَرَكْت قَوْل أَبِي حَنِيفَة فِي الصَّاع وَأَخَذْت بِقَوْلِ أَهْل الْمَدِينَة . قَالَ صَاحِب التَّنْقِيح : هَذَا هُوَ الْمَشْهُور مِنْ قَوْل أَبِي يُوسُف . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَالِكًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَاظَرَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالصِّيعَانِ الَّتِي جَاءَ بِهَا أُولَئِكَ الرَّهْط ، فَرَجَعَ أَبُو يُوسُف إِلَى قَوْله .
قُلْت : قَوْل أَهْل الْمَدِينَة وَأَهْل الْحِجَاز فِي مِقْدَار الصَّاع هُوَ الْحَقّ وَالصَّحِيح مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَة ، وَلَا يَغُرَّنَّك كَلَام الطَّحَاوِيّ فِي شَرْح مَعَانِي الْآثَار فِي ذَلِكَ الْبَاب فَإِنَّهُ بَنَى الْكَلَام عَلَى تَأْوِيلَات بَعِيدَة وَاحْتِمَالَات كَاسِدَة
( قَالَ )
: أَبُو دَاوُدَ فَقُلْت لِأَحْمَد
( فَمَنْ قَالَ )
: فِي تَفْسِير الصَّاع إِنَّهُ
( ثَمَانِيَة أَرْطَال )
: فَقَوْله صَحِيح أَمْ لَا ؟
( قَالَ )
: أَحْمَد
( لَيْسَ ذَلِكَ )
: أَيْ كَوْن الصَّاع ثَمَانِيَة أَرْطَال
( بِمَحْفُوظٍ )
: بَلْ هُوَ ضَعِيف لَا يُحْتَجّ فِي الْأَحْكَام بِمِثْلِهِ .
قُلْت : ذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَة وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى ، إِلَى أَنَّ الصَّاع ثَمَانِيَة أَرْطَال وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِرِوَايَاتٍ مِنْهَا : مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُوسَى@

الصفحة 406