كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

( ثُمَّ تَنَحَّى )
: أَيْ تَبَاعَدَ وَتَحَوَّلَ عَنْ مَكَانه
( نَاحِيَة )
: أُخْرَى
( فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ )
: وَفِيهِ التَّصْرِيح بِتَأْخِيرِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْغُسْل إِلَى آخِر الْغُسْل . وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب بِثَلَاثَةِ أَنْوَاع . النَّوْع الْأَوَّل مَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْر غَسْل الرِّجْلَيْنِ أَصْلًا بَلْ اِقْتَصَرَ الرَّاوِي عَلَى قَوْله : ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأ لِلصَّلَاةِ . كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق مَالِك عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة . النَّوْع الثَّانِي مَا فِيهِ التَّصْرِيح بِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِل الرِّجْلَيْنِ قَبْل إِكْمَال الْغُسْل ، بَلْ أَخَّرَهُ إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْهُ ، كَمَا فِي رِوَايَة مَيْمُونَة . أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه مِنْ طَرِيق سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد عَنْ كُرَيْب عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ مَيْمُونَة . النَّوْع الثَّالِث مَا فِيهِ غَسْل الرِّجْلَيْنِ مَرَّتَيْنِ ، مَرَّة قَبْل إِتْمَام الْغَسْل فِي الْوُضُوء وَمَرَّة بَعْد الْفَرَاغ مِنْ الْغَسْل كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اِغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَة يَبْدَأ فَيَغْسِل يَدَيْهِ ثُمَّ يُفْرِغ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَاله فَيَغْسِل فَرْجه ثُمَّ يَتَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْخُذ الْمَاء فَيُدْخِل أَصَابِعه فِي أُصُول الشَّعْر ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِر جَسَده ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر : تُحْمَل الرِّوَايَات عَنْ عَائِشَة ، عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهَا : وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ أَيْ أَكْثَره ، وَهُوَ مَا سِوَى الرِّجْلَيْنِ ، أَوْ يُحْمَل عَلَى ظَاهِره ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْلهَا فِي رِوَايَة أَبِي مُعَاوِيَة . ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ أَيْ أَعَادَ غَسْلهمَا لِاسْتِيعَابِ الْغُسْل بَعْد أَنْ كَانَ غَسَلَهُمَا فِي الْوُضُوء . قَالَ : وَحَدِيث مَيْمُونَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا مِنْ طَرِيق سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش مُخَالِف لِظَاهِرِ رِوَايَة عَائِشَة مِنْ طَرِيق مَالِك عَنْ هِشَام وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْنهمَا إِمَّا بِحَمْلِ رِوَايَة عَائِشَة عَلَى الْمَجَاز @

الصفحة 416