كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

216 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِنَّ تَحْت كُلّ شَعْرَة جَنَابَة )
: الشَّعْر بِفَتْحِ الشِّين وَسُكُون الْعَيْن لِلْإِنْسَانِ وَغَيْره فَيُجْمَع عَلَى شُعُور مِثْل فَلْس وَفُلُوس ، وَبِفَتْحِ الْعَيْن فَيُجْمَع عَلَى أَشْعَار مِثْل سَبَب وَأَسْبَاب وَهُوَ مُذَكَّر الْوَاحِدَة شَعْرَة بِفَتْحِ الشِّين ، وَالشِّعْرَة بِكَسْرِ الشِّين عَلَى وَزْن سِدْرَة شَعْر الرُّكَب لِلنِّسَاءِ خَاصَّة قَالَهُ فِي الْعُبَاب . فَلَوْ بَقِيَتْ شَعْرَة وَاحِدَة لَمْ يَصِل إِلَيْهَا الْمَاء بَقِيَ الْجَنَابَة
( فَاغْسِلُوا الشَّعْر )
: بِفَتْحِ الْعَيْن وَسُكُونهَا أَيْ جَمِيعه . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث يُوجِب نَقْض الْقُرُون وَالضَّفَائِر إِذَا أَرَادَ الِاغْتِسَال مِنْ الْجَنَابَة لِأَنَّهُ لَا يَكُون شَعْره مَغْسُولًا إِلَّا أَنْ يَنْقُضهَا ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَقَالَ عَامَّة : أَهْل الْعِلْم إِيصَال الْمَاء إِلَى أُصُول الشَّعْر وَإِنْ لَمْ يُنْقَض شَعْره يَجْزِيه . وَالْحَدِيث ضَعِيف اِنْتَهَى .
قُلْت : وَاسْتُثْنِيَتْ الْمَرْأَة مِنْ هَذَا الْحُكْم كَمَا سَيَجِيءُ
( وَأَنْقُوا الْبَشَر )
: مِنْ الْإِنْقَاء أَيْ نَظِّفُوا الْبَشَر مِنْ الْأَوْسَاخ لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ شَيْء مِنْ ذَلِكَ وُصُول الْمَاء لَمْ تَرْتَفِع الْجَنَابَة . وَالْبَشَر بِفَتْحِ الْبَاء وَالشِّين قَالَ إِمَام أَهْل اللُّغَة الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح : الْبَشَر ظَاهِر جِلْد الْإِنْسَان وَفُلَان مُؤْدَم مُبْشَر إِذَا كَانَ كَامِلًا مِنْ الرِّجَال كَأَنَّهُ جَمَعَ لِين الْأَدَمَة وَخُشُونَة الْبَشَرَة وَكَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمِصْبَاح . وَأَمَّا الْأَدَمَة فَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : الْأَدَمَة بَاطِن الْجِلْد الَّذِي يَلِي اللَّحْم ، وَقَالَ فِي الْقَامُوس الْأَدَمَة مُحَرَّكَة بَاطِن الْجِلْدَة الَّتِي تَلِي اللَّحْم أَوْ ظَاهِره عَلَيْهِ الشَّعْر . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ يَحْتَجّ بِهِ مَنْ يُوجِب الِاسْتِنْشَاق فِي الْجَنَابَة لِمَا فِي دَاخِل الْأَنْف مِنْ الشَّعْر ، وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ فِي إِيجَاب الْمَضْمَضَة بِقَوْلِهِ وَأَنْقُوا الْبَشَر فَزَعَمَ أَنَّ دَاخِل الْفَم مِنْ الْبَشَر وَهَذَا خِلَاف قَوْل أَهْل اللُّغَة لِأَنَّ الْبَشَرَة عِنْدهمْ هِيَ مَا ظَهَرَ مِنْ الْبَدَن وَأَمَّا دَاخِل الْأَنْف وَالْفَم فَهُوَ الْأَدَمَة وَالْعَرَب تَقُول فُلَان مُؤْدَم مُبْشَر إِذَا كَانَ خَشِن الظَّاهِر مَخْبُور الْبَاطِن @

الصفحة 422