كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

تَبْلُغ شُؤُون رَأْسهَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالْمُؤَلِّف ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي تَدُلّ بِظَاهِرِهَا عَلَى دَعْوَاهُمْ .
الثَّانِي : أَنَّهَا تَنْقُضهُ بِكُلِّ حَال وَهُوَ قَوْل إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَوَجْه قَوْله وُجُوب عُمُوم الْغُسْل وَلَمْ يَرَ مَا وَرَدَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرُّخْصَة وَلَوْ رَآهُ مَا تَعَدَّاهُ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
الثَّالِث : وُجُوب النَّقْض فِي الْحَيْض دُون الْجَنَابَة وَهُوَ قَوْل الْحَسَن وَطَاوُسٍ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل ، وَاحْتِجَاجهمْ بِحَدِيثِ أَنَس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا اِغْتَسَلَتْ الْمَرْأَة مِنْ حَيْضَتهَا نَقَضَتْ شَعْرهَا نَقْضًا وَغَسَلَتْهُ بِخِطْمِيٍّ وَأُشْنَان ، فَإِذَا اِغْتَسَلَتْ مِنْ الْجَنَابَة صَبَّتْ عَلَى رَأْسهَا الْمَاء وَعَصَرَتْهُ " أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَاد وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنه الْكُبْرَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير .
قُلْت : قَالَ فِي السَّيْل الْجَرَّار فِي إِسْنَاده مُسْلِم بْن صُبَيْح الْيَحْمَدِيّ وَهُوَ مَجْهُول وَهُوَ غَيْر أَبِي الضُّحَى مُسْلِم بْن صُبَيْح الْمَعْرُوف فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَة كُلّهمْ . وَأَيْضًا إِقْرَانه بِالْغُسْلِ الْخِطْمِيّ وَأُشْنَان يَدُلّ عَلَى عَدَم الْوُجُوب ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَد بِوُجُوبِ الْخِطْمِيّ وَلَا الْأُشْنَان اِنْتَهَى ، وَبِحَدِيثِ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا وَكَانَتْ حَائِضًا : اُنْقُضِي شَعْرك وَاغْتَسِلِي . رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة ، وَهَذَا لَفْظ اِبْن مَاجَهْ ، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُر حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَة عَرَفَة فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه هَذِهِ لَيْلَة عَرَفَة وَإِنَّمَا كُنْت تَمَتَّعْت بِعُمْرَةٍ فَقَالَ لَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اُنْقُضِي رَأْسك وَامْتَشِطِي وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتك " . الْحَدِيث .
قُلْت : أُجِيبَ بِأَنَّ الْخَبَر وَرَدَ فِي مَنْدُوبَات الْإِحْرَام وَالْغُسْل فِي تِلْكَ الْحَال لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلصَّلَاةِ وَالنِّزَاع فِي غُسْل الصَّلَاة ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي نَيْل الْأَوْطَار . وَقَالَ فِي السَّيْل الْجَرَّار : وَاخْتِصَاص هَذَا بِالْحَجِّ لَا يَقْتَضِي ثُبُوته فِي غَيْره وَلَا سِيَّمَا@

الصفحة 435