كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

الْجَدْب الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خِصْب
( حَتَّى ظَنَنَّا )
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد عَلِمْنَا ، فَالظَّنّ الْأَوَّل حُسْبَان ، وَالْآخِر عِلْم وَيَقِين وَالْعَرَب تَحْمِل الظَّنّ مَرَّة حُسْبَانًا وَمَرَّة عِلْمًا وَيَقِينًا ، وَذَلِكَ لِاتِّصَالِ طَرَفَيْهِمَا ، فَمَبْدَأ الْعِلْم ظَنّ وَآخِره عِلْم وَيَقِين . قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } مَعْنَاهُ يُوقِنُونَ
( أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا )
يُقَال : وَجَدَ عَلَيْهِ يَجِد وَجْدًا وَمَوْجِدَة بِمَعْنَى غَضِبَ
( فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّة مِنْ لَبَن )
أَيْ جَاءَتْ مُقَابِلَة لَهُمَا فِي حَال خُرُوجهمَا مِنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَادَفَ خُرُوجهمَا مَجِيء الْهَدِيَّة مُقَابِلَة لَهُمَا
( فَبَعَثَ )
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فِي آثَارهمَا )
أَيْ وَرَاء خُطَاهُمَا لِطَلَبِهِمَا فَرَجَعَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فَسَقَاهُمَا )
مِنْ ذَلِكَ اللَّبَن الْمُهْدَى إِلَيْهِ
( فَظَنَنَّا أَنَّهُ )
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( لَمْ يَجِد عَلَيْهِمَا )
أَيْ لَمْ يَغْضَب غَضَبًا شَدِيدًا بَاقِيًا ، بَلْ زَالَ غَضَبه سَرِيعًا . وَالْحَدِيث فِيهِ مَسَائِل : الْأُولَى جَوَاز الِاسْتِمْتَاع مِنْ الْحَائِض غَيْر الْوَطْء وَالْمُؤَاكَلَة وَالْمُجَالَسَة مَعَهَا . وَالثَّانِيَة الْغَضَب عَنْ اِنْتَهَاك مَحَارِم اللَّه تَعَالَى . الثَّالِثَة سُكُوت التَّابِع عِنْد غَضَب الْمَتْبُوع وَعَدَم مُرَاجَعَته لَهُ بِالْجَوَابِ إِنْ كَانَ الْغَضَب لِلْحَقِّ . الرَّابِعَة الْمُؤَانَسَة وَالْمُلَاطَفَة بَعْد الْغَضَب عَلَى مَنْ غُضِبَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا . وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
226 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَتَعَرَّق الْعَظْم )
يُقَال : عَرَقْت الْعَظْم وَتَعَرَّقْته وَاعْتَرَمْته إِذَا أَخَذْت عَنْهُ اللَّحْم@

الصفحة 441