كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

الْمَشَاهِير وَثَّقَهُ الْجَمَاهِير ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم : كَانَ يَغْلَط كَثِيرًا إِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظه ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ ، وَقَالَ اِبْن الْمَدِينِيّ : فِي أَحَادِيثه عَنْ قَتَادَة لِين لِأَنَّ كِتَابه كَانَ قَدْ ذَهَبَ .
قُلْت : اِعْتَمَدَهُ الْأَئِمَّة كُلّهمْ
( وَهَذَا لَفْظ حَفْص )
: أَيْ اللَّفْظ الْمَذْكُور فِيمَا بَعْد هُوَ لَفْظ حَفْص بْن عُمَر لَا لَفْظ مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم
( عَنْ سُلَيْمَان )
: بْن مِهْرَانَ الْأَعْمَش أَيْ يَرْوِي شُعْبَة وَأَبُو عَوَانَة كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَان
( أَبِي وَائِل )
: شَقِيق بْن سَلَمَة
( حُذَيْفَة )
: بْن الْيَمَان أَبِي عَبْد اللَّه الْكُوفِيّ صَحَابِيّ جَلِيل مِنْ السَّابِقِينَ
( سُبَاطَة قَوْم )
: بِضَمِّ السِّين الْمُهْمَلَة وَبَعْدهَا مُوَحَّدَة ، هِيَ الْمَزْبَلَة وَالْكُنَاسَة تَكُون بِفِنَاءِ الدُّور مِرْفَقًا لِأَهْلِهَا ، وَتَكُون فِي الْغَالِب سَهْلَة لَا يَرْتَدّ فِيهَا الْبَوْل عَلَى الْبَائِل
( فَبَالَ )
: رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُنَاسَة
( قَائِمًا )
: لِلْجَوَازِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِد لِلْقُعُودِ مَكَانًا فَاضْطُرَّ لِلْقِيَامِ .
قَالَ الْحَافِظ : قِيلَ السَّبَب فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَدَ أَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَسْتَشْفِي لِوَجَعِ الصُّلْب بِذَلِكَ ، فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ .
وَرَوَى الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : " إِنَّمَا بَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا لِجُرْحٍ كَانَ فِي مَأْبِضه " وَالْمَأْبِض بِهَمْزَةٍ سَاكِنَة بَعْدهَا مُوَحَّدَة ثُمَّ مُعْجَمَة : بَاطِن الرُّكْبَة ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّن لِأَجْلِهِ مِنْ الْقُعُود .
وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيث لَكَانَ فِيهِ غِنًى عَنْ جَمِيع مَا تَقَدَّمَ ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَاز ، وَكَانَ أَكْثَرُ أَحْوَاله الْبَوْل عَنْ قُعُود .
وَسَلَكَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَابْن شَاهِين فِيهِ مَسْلَكًا آخَر فَزَعَمَا أَنَّ الْبَوْل عَنْ قِيَام مَنْسُوخ ، وَاسْتَدَلَّا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَة الَّذِي قَدَّمْنَاهُ " مَا بَالَ قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ " وَبِحَدِيثِهَا أَيْضًا " مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَبُول قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ ، مَا كَانَ يَبُول إِلَّا قَاعِدًا " وَالصَّوَاب أَنَّهُ غَيْر مَنْسُوخ .
وَالْجَوَاب عَنْ حَدِيث عَائِشَة أَنَّهُ مُسْتَنِد إِلَى عِلْمهَا فَيُحْمَل عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْبُيُوت ، وَأَمَّا فِي غَيْر الْبُيُوت فَلَمْ تَطَّلِعْ هِيَ عَلَيْهِ @

الصفحة 45