كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

مُبَاشَرَة الْحَائِض أَقْسَام أَحَدهَا أَنْ يُبَاشِرهَا بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْج وَهَذَا حَرَام بِالْإِجْمَاعِ بِنَصِّ الْقُرْآن وَالسُّنَّة الصَّحِيحَة . الثَّانِي أَنْ يُبَاشِرهَا بِمَا فَوْق السُّرَّة وَتَحْت الرُّكْبَة بِالذَّكَرِ وَالْقُبْلَة وَاللَّمْس وَغَيْر ذَلِكَ وَهُوَ حَلَال بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء . الثَّالِث الْمُبَاشَرَة فِيمَا بَيْن السُّرَّة فِي غَيْر الْقُبُل وَالدُّبُر وَفِيهِ ثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيّ الْأَشْهَر مِنْهَا التَّحْرِيم ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء ، وَالثَّانِي عَدَم التَّحْرِيم مَعَ الْكَرَاهَة . قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا الْوَجْه أَقْوَى مِنْ حَيْثُ الدَّلِيل وَهُوَ الْمُخْتَار ، وَالثَّالِث إِنْ كَانَ الْمُبَاشِر يَضْبِط نَفْسه عَنْ الْفَرْج وَيَثِق مِنْ نَفْسه بِاجْتِنَابِهِ إِمَّا لِضَعْفِ شَهْوَته أَوْ لِشِدَّةِ وَرَعه جَازَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْجَوَاز عِكْرِمَة وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَالشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَالْحَكَم وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن مِنْ الْحَنَفِيَّة وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ اِخْتِيَار أَصْبَغَ مِنْ الْمَالِكِيَّة وَغَيْرهمْ . قُلْت : مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْجَمَاعَة مِنْ جَوَاز الْمُبَاشَرَة بِالْحَائِضِ بِجَمِيعِ عُضْوهَا مَا خَلَا الْجِمَاع هُوَ قَوْل مُوَافِق لِلْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَة وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ اُسْتُحِيضَتْ الْمَرْأَة اِسْتَمَرَّ بِهَا الدَّم بَعْد أَيَّامهَا فَهِيَ مُسْتَحَاضَة .
( وَمَنْ قَالَ تَدَع )
أَيْ تَتْرُك
( الصَّلَاة فِي عِدَّة الْأَيَّام الَّتِي كَانَتْ تَحِيض )
فِي أَيَّام الصِّحَّة قَبْل حُدُوث الْعِلَّة .@

الصفحة 457