كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

240 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( تُهْرَاق الدِّمَاء )
بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمَيُّز ، وَتُهْرَاق بِصِيغَةِ الْمَجْهُول وَنَائِب فَاعِله ضَمِير فِيهِ يَرْجِع إِلَى الْمَرْأَة أَيْ تُهْرَاق هِيَ الدِّمَاء ، وَيَجُوز الرَّفْع بِتَقْدِيرِ تُهْرَاق دِمَاؤُهَا ، وَالْبَدَل مِنْ الْإِضَافَة ، وَالْهَاء فِي هَرَاقَ بَدَل مِنْ هَمْزَة أَرَاقَ يُقَال أَرَاقَ الْمَاء يُرِيقهُ وَهَرَاقَهُ يُهَرِيقهُ بِفَتْحِ الْهَاء هِرَاقَةً قَالَهُ اِبْن الْأَثِير الْجَزَرِيُّ
( فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ )
مِنْ التَّخْلِيف أَيْ تَرَكَتْ أَيَّام الْحَيْض الَّذِي كَانَتْ تَعْهَدهُ وَرَاءَهَا
( فَلْتَغْتَسِلْ )
أَيْ غُسْل اِنْقِطَاع الْحَيْض
( ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ )
أَيْ تَشُدّ فَرْجهَا بِخِرْقَةٍ بَعْد أَنْ تَحْتَشِي قُطْنًا وَتُوثِق طَرَفَيْ الْخِرْقَة فِي شَيْء تَشُدّهُ عَلَى وَسَطهَا فَيَمْنَع ذَلِكَ سَيْل الدَّم مَأْخُوذ مِنْ ثَفَر الدَّابَّة بِفَتْحِ الْفَاء الَّذِي يُجْعَل تَحْت ذَنَبهَا
( ثُمَّ لِتُصَلِّي )
هَكَذَا فِي النُّسْخَتَيْنِ مِنْ الْمُنْذِرِيِّ . قَالَ الْحَافِظ وَلِيّ الدِّين الْعِرَاقِيّ : هُوَ بِإِثْبَاتِ الْيَاء لِلْإِشْبَاعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِر } اِنْتَهَى . قُلْت : وَهَكَذَا بِإِثْبَاتِ الْيَاء فِي نُسَخ الْمُوَطَّإِ . وَأَمَّا فِي نُسَخ السُّنَن الْمَوْجُودَة عِنْدِي فَبِإِسْقَاطِ الْيَاء بِلَفْظِ ثُمَّ لِتُصَلِّ . وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُسْتَحَاضَة الْمُعْتَادَة تُرَدّ لِعَادَتِهَا مَيَّزَتْ أَمْ لَا وَافَقَ تَمَيُّزهَا عَادَتهَا أَوْ خَالَفَهَا . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : هَذَا حُكْم الْمَرْأَة يَكُون لَهَا مِنْ الشَّهْر أَيَّام مَعْلُومَة تَحِيضُهَا فِي أَيَّام الصِّحَّة قَبْل حُدُوث الْعِلَّة ثُمَّ تُسْتَحَاض فَتُهَرِيق الدِّمَاء وَيَسْتَمِرّ بِهَا السَّيَلَان أَمَرَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَدَع الصَّلَاة مِنْ الشَّهْر قَدْر الْأَيَّام الَّتِي كَانَتْ تَحِيض قَبْل أَنْ يُصِيبهَا مَا أَصَابَهَا@

الصفحة 458