كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

بِالطَّسْتِ لِيَبُولَ فِيهَا " الْحَدِيث ، لَكِنْ وَقَعَ هَذَا فِي حَال الْمَرَض .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ .
23 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( اِتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ )
: قَالَ الْحَافِظ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ لِلنَّاسِ عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا لُعِنَ وَشُتِمَ ، يَعْنِي عَادَة النَّاس لَعْنُهُ فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيفَ إِلَيْهِمَا الْفِعْل فَكَانَا كَأَنَّهُمَا اللَّاعِنَانِ ، يَعْنِي أُسْنِدَ اللَّعْنُ إِلَيْهِمَا عَلَى طَرِيق الْمَجَاز الْعَقْلِيّ ، وَقَدْ يَكُون اللَّاعِن أَيْضًا بِمَعْنَى الْمَلْعُون فَاعِل بِمَعْنَى مَفْعُول كَمَا قَالُوا مَرَّ كَاتِم أَيْ مَكْتُوم .
اِنْتَهَى .
فَعَلَى هَذَا يَكُون التَّقْدِير اتَّقُوا الْأَمْرَيْنِ الْمَلْعُونَ فَاعِلُهُمَا
( الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيق النَّاس )
: أَيْ يَتَغَوَّط أَوْ يَبُول فِي مَوْضِع يَمُرّ بِهِ النَّاس .
قَالَ فِي التَّوَسُّط شَرْح سُنَن أَبِي دَاوُدَ : الْمُرَاد بِالتَّخَلِّي التَّفَرُّد لِقَضَاءِ الْحَاجَة غَائِطًا أَوْ بَوْلًا ، فَإِنَّ التَّنَجُّس وَالِاسْتِقْذَار مَوْجُودٌ فِيهِمَا .
فَلَا يَصِحّ تَفْسِير النَّوَوِيّ بِالتَّغَوُّطِ ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْبَوْل يُلْحَق بِهِ قِيَاسًا .
وَالْمُرَاد بِالطَّرِيقِ الطَّرِيق الْمَسْلُوك لَا الْمَهْجُور الَّذِي لَا يُسْلَك إِلَّا نَادِرًا
( أَوْ ظِلّهمْ )
: أَيْ مُسْتَظَلّ النَّاس الَّذِي اِتَّخَذُوهُ مَقِيلًا وَمَنْزِلًا يَنْزِلُونَهُ وَيَقْعُدُونَ فِيهِ ، وَلَيْسَ كُلّ ظِلّ يَحْرُم الْقُعُود لِلْحَاجَةِ تَحْته ، فَقَدْ قَعَدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ تَحْت حَائِش مِنْ النَّخْل وَلِلْحَائِشِ لَا مَحَالَة ظِلّ .
وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى تَحْرِيم التَّخَلِّي فِي طُرُق النَّاس@

الصفحة 47