كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

الْبَحْرَانِيّ ، وَعَلَامَة دَم الِاسْتِحَاضَة خُرُوج غَيْر الدَّم الْبَحْرَانِيّ
( إِذَا مَدَّ بِهَا الدَّم )
: أَيْ اِسْتَمَرَّ الدَّم بَعْد اِنْقِضَاء مُدَّته الْمَعْلُومَة
( تُمْسِك )
: الْمَرْأَة عَنْ الصَّلَاة وَغَيْرهَا
( فَهِيَ )
: بَعْد ذَلِكَ
( مُسْتَحَاضَة )
: أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ بِلَفْظِ " إِذَا رَأَتْ الدَّم فَإِنَّهَا تُمْسِك عَنْ الصَّلَاة بَعْد أَيَّام حَيْضهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ هِيَ بَعْد ذَلِكَ مُسْتَحَاضَة "
( قَالَ التَّيْمِيُّ فَجَعَلْت أَنْقُص )
: الْأَيَّام الَّتِي زَادَتْ عَلَى أَيَّام حَيْضهَا
( فَقَالَ )
: قَتَادَةُ مُجِيبًا
( إِذَا كَانَ )
: الْيَوْم الزَّائِد
( يَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنْ حَيْضهَا )
: فَلَا تُصَلِّي فِيهِ . أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِر عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْت لِقَتَادَةَ : اِمْرَأَة كَانَ حَيْضهَا مَعْلُومًا فَزَادَتْ عَلَيْهِ خَمْسَة أَيَّام أَوْ أَرْبَعَة أَيَّام أَوْ ثَلَاثَة أَيَّام . قَالَ : تُصَلِّي . قُلْت : يَوْمَيْنِ . قَالَ : ذَلِكَ مِنْ حَيْضهَا . وَسَأَلْت اِبْن سِيرِينَ قَالَ النِّسَاء أَعْلَم بِذَلِكَ
( وَسُئِلَ اِبْن سِيرِينَ عَنْهُ فَقَالَ النِّسَاء أَعْلَم بِذَلِكَ )
: فَهُنَّ يُمَيِّزْنَ دَم الْحَيْض عَنْ دَم الِاسْتِحَاضَة ، وَكَأَنَّ اِبْن سِيرِينَ لَمْ يُجِبْهُ وَأَحَالَ عَلَى النِّسَاء .
تَعْلِيقُ الْحَافِظِ ابْنِ الْقَيِّمِ :
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّه :
حَدِيث عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ هَذَا قَالَ اِبْنُ الْقَطَّانِ : مُنْقَطِع ، لِأَنَّهُ اِنْفَرَدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ ، وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيِّ مَرَّتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا مِنْ كِتَابه هَكَذَا وَالثَّانِيَة زَادَ فِيهِ عَائِشَةَ بَيْن عُرْوَةَ وَفَاطِمَةَ وَهَذَا مُتَّصِل ، وَلَكِنْ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ مِنْ كِتَابه مُنْقَطِعًا وَمِنْ حِفْظه مُتَّصِلًا فَزَادَ عَائِشَةَ أَوْرَثَ ذَلِكَ نَطْرًا فِيهِ . وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ مُصَرَّحًا بِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ عَائِشَةَ لَا مِنْ فَاطِمَةَ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ : أَنَّ فَاطِمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ الْمُغِيرَةَ مَجْهُول ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيَُّ ، وَالْحَدِيث عِنْد غَيْر أَبِي دَاوُدَ مُعَنْعَنٌ ، لَمْ يَقُلْ فِيهِ إِنَّ فَاطِمَةَ حَدَّثَتْهُ . قَالَ : وَكَذَلِكَ حَدِيث سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ " أَنَّهَا أَمَرَتْ أَسْمَاءَ أَوْ أَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا أَمَرَتْهَا فَاطِمَةُ أَنْ تَسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَهُوَ مَشْكُوك فِيهِ فِي سَمَاعِهِ مِنْ فَاطِمَةَ . قَالَ : وَفِي مَتْن الْحَدِيث مَا أَنْكَرَ عَلَى سُهَيْلٍ ، وَعُدَّ مِمَّا سَاءَ حِفْظه فِيهِ ، وَظَهَرَ أَثَرُ تَغَيُّره عَلَيْهِ . وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَحَالَ فِيهِ عَلَى الْأَيَّام ، قَالَ : " فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُد الْأَيَّام الَّتِي كَانَتْ تَقْعُد " ، قَالَ : وَالْمَعْرُوف فِي قِصَّة فَاطِمَةَ الْإِحَالَة عَلَى الدَّم وَعَلَى الْقُرُوء تَمَّ كَلَامه . وَهَذَا كَلِمَة عَنَتٍ وَمُنَاكَدَة مِنْ اِبْنِ الْقَطَّانِ . أَمَّا قَوْله : إِنَّهُ مُنْقَطِع فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَدِيٍّ مَكَانه مِنْ الْحِفْظ وَالْإِتْقَان مَعْرُوف لَا يَجْهَل . وَقَدْ حَفِظَهُ وَحَدَّثَ بِهِ مَرَّة عَنْ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ وَمَرَّة عَنْ عَائِشَةَ عَنْ فَاطِمَةَ وَقَدْ أَدْرَكَ كِلْتَيْهِمَا وَسَمِعَ مِنْهُمَا بِلَا رَيْب ، فَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَمِّهِ وَعَائِشَةُ خَالَته فَالِانْقِطَاع الَّذِي رَمَى بِهِ الْحَدِيث مَقْطُوع دَابِره ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ فَاطِمَةَ حَدَّثَتْهُ بِهِ . وَقَوْله : إِنَّ الْمُغِيرَةَ جَهَّلَهُ أَبُو حَاتِمٍ لَا يَضُرّهُ ذَلِكَ ، فَإِنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ يُجَهِّل رِجَالًا وَهُمْ ثِقَات مَعْرُوفُونَ ، وَهُوَ مُتَشَدِّد فِي الرِّجَال . وَقَدْ وَثَّقَ الْمُغِيرَةُ جَمَاعَة وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَعَرَفُوهُ . وَقَوْله : الْحَدِيث عِنْد غَيْر أَبِي دَاوُدَ مُعَنْعَنٌ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرّهُ ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى أَصْله فِي زِيَادَة الثِّقَة ، فَقَدْ صَرَّحَ سُهَيْلٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ : حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ، وَحَمَلَهُ عَلَى سُهَيْلٍ . وَأَنَّ هَذَا مِمَّا سَاءَ حِفْظه فِيهِ دَعْوَى بَاطِلَة ، وَقَدْ صَحَّحَ مُسْلِمٌ وَغَيْره حَدِيث سُهَيْلٍ . وَقَوْله : إِنَّهُ أَحَالَ فِيهِ عَلَى الْأَيَّام ، وَالْمَعْرُوف الْإِحَالَة عَلَى الْقُرُوء وَالدَّم كَلَام فِي غَايَة الْفَسَاد ، فَإِنَّ الْمَعْرُوف الَّذِي فِي الصَّحِيح إِحَالَتهَا عَلَى الْأَيَّام الَّتِي كَانَتْ يَحْتَسِبهَا حَيْضهَا ، وَفِي الْقُرُوء بِعَيْنِهَا ، فَأَحَدهمَا يُصَدِّق الْآخَر . وَأَمَّا إِحَالَتهَا عَلَى الدَّم فَهُوَ الَّذِي يُنْظَر فِيهِ ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَصْحَاب الصَّحِيح ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ، وَسَأَلَ عَنْهُ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَبَاهُ فَضَعَّفَهُ وَقَالَ : هَذَا مُنْكَر ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم .
248 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( حَدَّثَنَا زُهَيْر بْن حَرْب وَغَيْره )
: هَكَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ الْحَاضِرَة . وَقَالَ الْحَافِظ جَمَال الدِّين الْمِزِّيُّ فِي تُحْفَة الْأَشْرَاف بِمَعْرِفَةِ الْأَطْرَاف : وَفِي رِوَايَة أَبِي الْحَسَن بْن الْعَبْد عَنْ زُهَيْر بْن حَرْب وَأَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَبِي سَمِينَة جَمِيعًا عَنْ عَبْد الْمَلِك .@

الصفحة 474