كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وَلَوْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدَّم لَمْ يَكُنْ لِلْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّة مَعْنًى لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَة فَلَمْ تَزَلْ تَرَى الدَّم مَا لَمْ يَنْقَطِع اِسْتِحَاضَتهَا ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ هُوَ حَدَث غَيْر الدَّم ، وَبِهَذَا التَّقْرِير طَابَقَ الْحَدِيث الْبَاب لَكِنْ الْحَدِيث مَعَ إِرْسَاله لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُود لِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ الدَّم ، بَلْ هُوَ الظَّاهِر مِنْ لَفْظ الْحَدِيث ، فَمَتَى رَأَتْ الدَّم تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاة ، وَإِذَا اِنْقَطَعَ عَنْهَا الدَّم تُصَلِّي بِالْوُضُوءِ الْوَاحِد مَتَى شَاءَتْ مَا لَمْ يَحْدُث لَهَا حَدَث سَوَاء كَانَ الْحَدَث دَمهَا الْخَارِج أَوْ غَيْره ، فَجَرَيَان الدَّم لَهَا حَدَث مِثْل الْأَحْدَاث الْأُخَر ، وَأَنَّ الْمُسْتَحَاضَة يُفَارِقهَا الدَّم أَيْضًا فِي بَعْض الْأَحْيَان ، وَهَذَا الْقَوْل أَيْ وُضُوءُهَا حَالَة جَرَيَان الدَّم وَتَرْك الْوُضُوء حَالَة اِنْقِطَاع الدَّم لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَد فِيمَا أَعْلَم . وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هَذَا مُرْسَل .
263 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ رَبِيعَة أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْمُسْتَحَاضَة وُضُوءًا إِلَخْ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَوْل رَبِيعَة شَاذّ وَلَيْسَ لِلْعَمَلِ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ نَظَر ، فَإِنَّ مَالِك بْن أَنَس وَافَقَهُ
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا قَوْل مَالِك يَعْنِي اِبْن أَنَس )
: هَذِهِ الْعِبَارَة فِي النُّسْخَتَيْنِ وَلَيْسَتْ فِي أَكْثَر النُّسَخ وَكَذَا لَيْسَتْ فِي الْخَطَّابِيِّ وَلَا الْمُنْذِرِيِّ . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَيْسَ فِي حَدِيث مَالِك فِي الْمُوَطَّأ ذِكْر الْوُضُوء لِكُلِّ صَلَاة عَلَى الْمُسْتَحَاضَة . وَذَكَرَ فِي حَدِيث غَيْره فَلِذَا كَانَ مَالِك يَسْتَحِبّهُ لَهَا وَلَا يُوجِبهُ ، كَمَا لَا يُوجِبهُ عَلَى صَاحِب التَّسَلْسُل ، ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَوْل رَبِيعَة@

الصفحة 498