كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة
( فَقَالَتْ لَا يَقْضِينَ )
: الصَّلَاة
( كَانَتْ الْمَرْأَة مِنْ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
: وَالْمُرَاد بِنِسَائِهِ غَيْر أَزْوَاجه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنَات وَقَرِيبَات وَسُرِّيَّة وَمَارِيَة وَأَنَّ النِّسَاء أَعَمّ مِنْ الزَّوْجَات لِدُخُولِ الْبَنَات وَسَائِر الْقَرَابَات تَحْت ذَلِكَ
( تَقْعُد فِي النِّفَاس . . إِلَخْ )
: فَإِنْ قُلْت إِنَّ مُسَّة سَأَلَتْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا عَنْ حُكْم الصَّلَاة فِي حَالَة الْحَيْض ، وَأَخْبَرَتْ عَنْ سَمُرَة أَنَّهُ يَأْمُر بِهَا ، وَأَجَابَتْ أُمّ سَلَمَة عَنْ صَلَاة النُّفَسَاء ، قُلْت فِي تَأْوِيله وَجْهَانِ : الْأَوَّل : أَنَّ الْمُرَاد بِالْمَحِيضِ هَاهُنَا هُوَ النِّفَاس بِقَرِينَةِ الْجَوَاب ، وَالثَّانِي : أَنَّ أُمّ سَلَمَة أَجَابَتْ عَنْ صَلَاة حَال النِّفَاس الَّذِي هُوَ أَقَلّ مُدَّة الْحَيْض ، فَإِنَّ الْحَيْض قَدْ يَتَكَرَّر فِي السَّنَة اِثْنَا عَشَر مَرَّة ، وَالنِّفَاس لَا يَكُون مِثْل ذَلِكَ بَلْ هُوَ أَقَلّ مِنْهُ جِدًّا ، فَقَالَتْ إِنَّ الشَّارِع قَدْ عَفَا عَنْ الصَّلَاة فِي حَال النِّفَاس الَّذِي لَا يَتَكَرَّر ، فَكَيْف لَا يَعْفُو عَنْهَا فِي حَال الْحَيْض الَّذِي يَتَكَرَّر ، وَاَللَّه أَعْلَم . قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه : وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاء تَدَع الصَّلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْر قَبْل ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِل وَتُصَلِّي فَإِذَا رَأَتْ الدَّم بَعْد الْأَرْبَعِينَ فَإِنَّ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم قَالُوا لَا تَدَع الصَّلَاة بَعْد الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْفُقَهَاء ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَابْن الْمُبَارَك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق . وَيُرْوَى عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ قَالَ : تَدَع الصَّلَاة خَمْسِينَ يَوْمًا إِذَا لَمْ تَطْهُر . وَيُرْوَى عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَالشَّعْبِيّ سِتِّينَ يَوْمًا . اِنْتَهَى .
قُلْت : وَالصَّحِيح مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِب وَأَقْوَى دَلِيلًا هُوَ أَنَّ أَكْثَر مُدَّة النِّفَاس@

الصفحة 503