كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

أَيْ غَيْر أَبِي دَاوُدَ : حَدِيث عَمَّار لَا يَخْلُو ، إِمَّا أَنْ يَكُون عَنْ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَاف هَذَا ، وَلَا حُجَّة لِأَحَدٍ مَعَ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَقّ أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع ، وَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَنْسُوخ وَنَاسِخه حَدِيث عَمَّار أَيْضًا . وَقَالَ الْإِمَام الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَا يَجُوز عَلَى عَمَّار إِذَا ذَكَرَ تَيَمُّمهمْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد نُزُول الْآيَة إِلَى الْمَنَاكِب إِنْ كَانَ عَنْ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ مَنْسُوخ عِنْده إِذْ رَوَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ أَوْ يَكُون لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا تَيَمُّمًا وَاحِدًا وَاخْتَلَفَ رِوَايَته عَنْهُ . فَتَكُون رِوَايَة اِبْن الصِّمَّة الَّتِي لَمْ تَخْتَلِف أَثْبَت ، وَإِذَا لَمْ تَخْتَلِف فَأَوْلَى أَنْ يُؤْخَذ بِهَا لِأَنَّهَا أَوْفَق لِكِتَابِ اللَّه مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رُوِيَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ ، أَوْ يَكُون إِنَّمَا سَمِعُوا آيَة التَّيَمُّم عِنْد حُضُور صَلَاة فَتَيَمَّمُوا فَاحْتَاطُوا وَأَتَوْا عَلَى غَايَة مَا يَقَع عَلَيْهِ اِسْم الْيَد لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرّهُمْ كَمَا لَا يَضُرّهُمْ لَوْ فَعَلُوهُ فِي الْوُضُوء ، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى مَسْأَلَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ يَجْزِيهِمْ مِنْ التَّيَمُّم أَقَلّ مِمَّا فَعَلُوا ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فَعَلُوا ، وَهَذَا أَوْلَى الْمَعَانِي عِنْدِي بِرِوَايَةِ اِبْن شِهَاب مِنْ حَدِيث عَمَّار بِمَا وَصَفْت مِنْ الدَّلَائِل . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَمْ يَخْتَلِف أَحَد مِنْ أَهْل الْعِلْم ، فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَم الْمُتَيَمِّم أَنْ يَمْسَح بِالتُّرَابِ مَا وَرَاء الْمِرْفَقَيْنِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَر ، فَقَدْ ذَكَرَ اِبْن الْمُنْذِر وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرهمَا عَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّيَمُّم إِلَى الْآبَاط . وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ حَدِيث عَائِشَة فِي اِنْقِطَاع الْعِقْد وَلَيْسَ فِيهِ كَيْفِيَّة التَّيَمُّم . اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .@

الصفحة 514