كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

28 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( غُفْرَانك )
: قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي عَارِضَة الْأَحْوَذِيّ : غُفْرَان مَصْدَر كَالْغَفْرِ وَالْمَغْفِرَة ، وَمِثْله سُبْحَانك ، وَنَصَبَهُ بِإِضْمَارِ فِعْل تَقْدِيره هَاهُنَا : أَطْلُب غُفْرَانك .
وَفِي طَلَب الْمَغْفِرَة هَاهُنَا مُحْتَمَلَانِ : الْأَوَّل أَنَّهُ سَأَلَ الْمَغْفِرَة مِنْ تَرْكه ذِكْر اللَّه فِي ذَلِكَ الْوَقْت فِي تِلْكَ الْحَالَة ، وَالثَّانِي وَهُوَ أَشْهَرُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْمَغْفِرَة فِي الْعَجْز عَنْ شُكْر النِّعْمَة فِي تَيْسِير الْغِذَاء وَإِبْقَاء مَنْفَعَته وَإِخْرَاج فَضْلَته عَلَى سُهُولَة ، فَيُؤَدِّي قَضَاءَ حَقّهَا بِالْمَغْفِرَةِ .
وَقَالَ الرَّضِيّ فِي شَرْح الْكَافِيَة مَا حَاصِله أَنَّ الْمَصَادِر الَّتِي بُيِّنَ فَاعِلُهَا بِإِضَافَتِهَا إِلَيْهِ نَحْو : كِتَاب اللَّه وَوَعْد اللَّه ، أَوْ بُيِّنَ مَفْعُولُهَا بِالْإِضَافَةِ نَحْو : ضَرْب الرِّقَاب وَسُبْحَان اللَّه ، أَوْ بُيِّنَ فَاعِلُهَا بِحَرْفِ جَرّ نَحْو : بُؤْسًا لَك وَسُحْقًا لَك ، أَوْ بُيِّنَ مَفْعُولهَا بِحَرْفِ جَرّ نَحْو : غُفْرًا لَك وَجَدْعًا لَك ، فَيَجِب حَذْف فِعْلهَا فِي جَمِيع هَذَا قِيَاسًا ، وَغُفْرَانك دَاخِل فِي هَذَا الضَّابِط ، فَعَلَى هَذَا يَكُون فِعْله الْمُقَدَّر اِغْفِرْ ، أَيْ اِغْفِرْ غُفْرَانًا .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب ، وَلَا يُعْرَف فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا حَدِيث عَائِشَة .
هَذَا آخِر كَلَام التِّرْمِذِيّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَفِي هَذَا الْبَاب حَدِيث أَبِي ذَرّ قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاء قَالَ : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي " وَحَدِيث أَنَس بْن مَالِك عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله ، وَفِي لَفْظ : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَحْسَنَ إِلَيَّ فِي أَوَّله@

الصفحة 52