كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

صَعِيد وَإِنْ خَالَطَهُ تُرَاب أَوْ مَدَر يَكُون لَهُ غُبَار كَانَ الَّذِي خَالَطَهُ الصَّعِيد وَلَا يَتَيَمَّم بِالنَّوْرَةِ وَبِالْكُحْلِ وَبِالزِّرْنِيخِ وَكُلّ هَذَا حِجَارَة . وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج : الصَّعِيد وَجْه الْأَرْض . قَالَ وَعَلَى الْإِنْسَان أَنْ يَضْرِب بِيَدَيْهِ وَجْه الْأَرْض وَلَا يُبَالِي أَكَانَ فِي الْمَوْضِع تُرَاب أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الصَّعِيد لَيْسَ هُوَ التُّرَاب وَإِنَّمَا هُوَ وَجْه الْأَرْض تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْره . قَالَ وَلَوْ أَنَّ أَرْضًا كَانَتْ كُلّهَا صَخْرًا لَا تُرَاب عَلَيْهَا ثُمَّ ضَرَبَ الْمُتَيَمِّم يَده عَلَى ذَلِكَ الصَّخْر لَكَانَ ذَلِكَ طَهُورًا إِذَا مَسَحَ بِهِ وَجْه . قَالَ اللَّه تَعَالَى { فَتُصْبِح صَعِيدًا } لِأَنَّهُ نِهَايَة مَا يَصْعَد إِلَيْهِ مِنْ بَاطِن الْأَرْض لَا أَعْلَم بَيْن أَهْل اللُّغَة خِلَافًا فِي أَنَّ الصَّعِيد وَجْه الْأَرْض . قَالَ الْأَزْهَرِيّ : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج أَحْسَبهُ مَذْهَب مَالِك وَمَنْ قَالَ يَقُولهُ وَلَا أَسْتَيْقِنهُ . قَالَ اللَّيْث يُقَال لِلْحَدِيقَةِ إِذَا خَرِبَتْ وَذَهَبَ شَجَرهَا قَدْ صَارَتْ صَعِيدًا أَيْ أَرْضًا مُسْتَوِيَة لَا شَجَر فِيهَا . وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : الصَّعِيد الْأَرْض بِعَيْنِهَا وَالصَّعِيد الطَّرِيق سُمِّيَ بِالصَّعِيدِ مِنْ التُّرَاب اِنْتَهَى كَلَامه بِحُرُوفِهِ . وَقَالَ فِي الْقَامُوس : الصَّعِيد التُّرَاب أَوْ وَجْه الْأَرْض . وَفِي تَاج الْعَرُوس شَرْح الْقَامُوس مِثْل مَا فِي اللِّسَان . وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح عَنْ الْفَرَّاء الصَّعِيد التُّرَاب . وَقَالَ ثَعْلَب : وَجْه الْأَرْض لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } اِنْتَهَى . وَقَالَ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ ( صَعِيدًا طَيِّبًا ) : أَيْ أَرْضًا طَاهِرَة . وَفِي الْجَمْهَرَة وَهُوَ التُّرَاب الَّذِي لَا يُخَالِطهُ رَمْل وَلَا سَبَخ هَذَا قَوْل أَبِي عُبَيْدَة . وَعَنْ قَتَادَة أَنَّ الصَّعِيد الْأَرْض الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا وَلَا شَجَر اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . وَمِنْ الِاخْتِلَاف فِي تَفْسِير الصَّعِيد اِخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فَذَهَبَ إِلَى تَخْصِيص التُّرَاب لِلتَّيَمُّمِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد ، وَذَهَبَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَعَطَاء وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُجْزِئ بِالْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا وَاسْتِدْلَال كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } . قُلْت : التَّحْقِيق فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَنَّ التُّرَاب هُوَ الْمُتَعَيَّن لِمَنْ وَجَدَ التُّرَاب@

الصفحة 526