كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وَلَا يَجُوز بِغَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّعِيد هُوَ التُّرَاب فَقَطْ عِنْد بَعْض أَئِمَّة اللُّغَة فَالتَّيَمُّم عَلَيْهِ جَائِز اِتِّفَاقًا ، فَكَيْف يُتْرَك الْمُتَيَقَّن بِالْمُحْتَمَلِ وَمَنْ لَمْ يَجِد التُّرَاب فَيَتَيَمَّم عَلَى الرِّمَال وَالْأَحْجَار وَيُصَلِّي لِأَنَّهُ مَدْلُول الصَّعِيد لُغَة عِنْد بَعْض أَئِمَّة اللُّغَة ، وَمَنْ لَمْ يَجِد الرِّمَال وَالْأَحْجَار فَيَتَيَمَّم عَلَى كُلّ مَا ذُكِرَ آنِفًا فِي تَفْسِير الصَّعِيد وَلَا يُصَلِّي بِغَيْرِ التَّيَمُّم ، وَمَنْ لَمْ يَجِد هَذِهِ كُلّهَا فَيُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَة وَاَللَّه أَعْلَم .
( وَلَوْ إِلَى عَشْر سِنِينَ )
: الْمُرَاد بِالْعَشْرِ التَّكْثِير لَا التَّحْدِيد ، وَمَعْنَاهُ أَيْ لَهُ أَنْ يَفْعَل التَّيَمُّم مَرَّة بَعْد أُخْرَى وَإِنْ بَلَغَتْ مُدَّة عَدَم الْمَاء وَاتَّصَلَتْ إِلَى عَشْر سِنِينَ ، وَلَيْسَ فِي مَعْنَى أَنَّ التَّيَمُّم دَفْعَة وَاحِدَة تَكْفِيه لِعَشْرِ سِنِينَ ، وَكَذَلِكَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا بَدَا لَك فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ . قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ خُرُوج الْوَقْت غَيْر نَاقِض لِلتَّيَمُّمِ بَلْ حُكْمه حُكْم الْوُضُوء . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَيَحْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ يَرَى أَنَّ لِلْمُتَيَمِّمِ أَنْ يَجْمَع بِتَيَمُّمِهِ بَيْن صَلَوَات ذَوَات عَدَد وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَاب الْحَدِيث . قَالَ الْحَافِظ بْن حَجَر : وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيّ لِعَدَمِ وُجُوب التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة بِعُمُومِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث عِمْرَان عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيك . قَالَ الْحَافِظ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَافَقَ فِيهَا الْبُخَارِيّ الْكُوفِيِّينَ وَالْجُمْهُور . وَذَهَبَ بَعْض مِنْ التَّابِعِينَ إِلَى خِلَاف ذَلِكَ اِنْتَهَى . قُلْت : مَذْهَب الْجُمْهُور قَوِيّ وَقَدْ جَاءَ آثَار ، تَدُلّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْض مِنْ التَّابِعِينَ مِنْ أَنَّ الْمُصَلِّي يُجَدِّد التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة لَكِنْ أَكْثَرهَا ضَعِيف وَمَا صَحَّ مِنْهَا فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء يُحْتَجّ بِهِ عَلَى فَرْضِيَّة التَّجْدِيد فَهِيَ مَحْمُولَة عَلَى الِاسْتِحْبَاب
( فَإِذَا وَجَدْت الْمَاء فَأَمِسَّهُ جِلْدك )
: أَمِسَّ أَمْر مِنْ الْإِمْسَاس وَالْمَعْنَى إِذَا وَجَدْت الْمَاء فَعَلَيْك أَنْ تَتَوَضَّأ أَوْ تَغْتَسِل . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : @

الصفحة 527