كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وَيُحْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيث فِي إِيجَاب اِنْتِقَاض طَهَارَة الْمُتَيَمِّم بِوُجُودِ الْمَاء عَلَى عُمُوم الْأَحْوَال سَوَاء كَانَ فِي صَلَاة أَوْ غَيْرهَا اِنْتَهَى . وَيُحْتَجّ بِهِ أَيْضًا فِي أَنْ لَا يَتَيَمَّم فِي مِصْر لِصَلَاةِ فَرْض وَلَا لِجِنَازَةٍ وَلَا لِعِيدٍ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمِسّهُ جِلْده
( فَإِنَّ ذَلِكَ )
: أَيْ الْإِمْسَاس
( خَيْر )
: أَيْ بَرَكَة وَأَجْر . وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوُضُوء وَالتَّيَمُّم كِلَاهُمَا جَائِز عِنْد وُجُود الْمَاء لَكِنْ الْوُضُوء خَيْر بَلْ الْوُضُوء فِي هَذَا الْوَقْت فَرْض وَالْخَيْرِيَّة لَا تُنَافِي الْفَرْضِيَّة . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَبُجْدَان : بِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْجِيم وَبَعْد الْأَلِف نُون . اِنْتَهَى .
تَعْلِيقُ الْحَافِظِ ابْنِ الْقَيِّمِ :
قَالَ الشِّيحُ اِبْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّه :
وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ . وَفِي مُسْنَد الْبَزَّارِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الصَّعِيد الطَّيِّب وُضُوء الْمُسْلِم وَإِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء عَشْر سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاء فَلْيَتَّقِ اللَّه وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَته ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْر " وَذَكَرَهُ اِبْنُ الْقَطَّانِ فِي بَاب أَحَادِيث ذَكَرَ أَنَّ أَسَانِيدهَا صِحَاح .
282 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَأَهَمَّنِي دِينِي )
: أَيْ أَقْلَقَنِي وَأَحْزَنَنِي ، وَالْمَعْنَى أَنِّي أَسْلَمْت ، لَكِنْ مَا عَلِمْت مَسَائِل الْإِسْلَام وَأَحْكَامه ، فَتَحَرَّجْت بِهِ عَلَى أَدَاء أَرْكَان الْإِسْلَام ، فَأَحْزَنَنِي وَأَقْلَقَنِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَة أَمْرِي ، لَأَنْ أَجْلِس مَجَالِس الْعُلَمَاء وَأَتَعَلَّم عَنْهُمْ الْمَسَائِل
( إِنِّي اِجْتَوَيْت الْمَدِينَة )
: قَالَ اِبْن فَارِس : اِجْتَوَيْت الْبَلَد إِذَا كَرِهْت الْمُقَام فِيهِ وَإِنْ كُنْت فِي نِعْمَة . وَقَيَّدَهُ الْخَطَّابِيُّ بِمَا إِذَا تَضَرَّرَ بِالْإِقَامَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِب . وَقَالَ الْقَزَّاز : اِجْتَوَوْا أَيْ لَمْ يُوَافِقهُمْ طَعَامهَا . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : الْجَوَى دَاء يَأْخُذ مِنْ الْوَبَاء . وَقَالَ غَيْره : الْجَوَى دَاء يُصِيب الْجَوْف ذَكَرَهُ الْحَافِظ
( بِذَوْدٍ )
: بِفَتْحِ الذَّال هِيَ مِنْ الْإِبِل . قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : سَمِعْت أَبَا الْعَبَّاس يَقُول : مَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى الْعَشْر ذَوْد ، وَكَذَا قَالَ الْفَارَابِيّ ، وَالذَّوْد مُؤَنَّثَة لِأَنَّهُمْ قَالُوا : لَيْسَ فِي أَقَلّ مِنْ خَمْس ذَوْد صَدَقَة ، وَالْجَمْع أَذْوَاد ، مِثْل ثَوْب وَأَثْوَاب . وَقَالَ@

الصفحة 528