كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

الْغَزْوَة فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَة
( فَأَخْبَرْته بِاَلَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَال )
: وَهُوَ شِدَّة الْبَرْد
( فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز التَّيَمُّم عِنْد شِدَّة الْبَرْد مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّل : التَّبَسُّم وَالِاسْتِبْشَار ، وَالثَّانِي : عَدَم الْإِنْكَار ، لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقِرّ عَلَى بَاطِل ، وَالتَّبَسُّم وَالِاسْتِبْشَار أَقْوَى دَلَالَة مِنْ السُّكُوت عَلَى الْجَوَاز . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام جَعَلَ عَدَم إِمْكَان اِسْتِعْمَال الْمَاء كَعَدَمِ عَيْن الْمَاء وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَخَاف الْعَطَش وَمَعَهُ مَاء ، فَأَبْقَاهُ لِيَشْرَبهُ وَلِيَتَيَمَّم بِهِ خَوْف التَّلَف . قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْح السُّنَن : لَا يَتَيَمَّم لِشِدَّةِ الْبَرْد مَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسَخِّن الْمَاء أَوْ يَسْتَعْمِلهُ عَلَى دَجِّهِ يَأْمَن الضَّرَر مِثْل أَنْ يَغْسِل عُضْوًا وَيَسْتُرهُ وَكُلَّمَا غَسَلَ عُضْوًا سَتَرَهُ وَدَفَّأَهُ مِنْ الْبَرْد لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِر يَتَيَمَّم وَصَلَّى فِي قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء . وَقَالَ الْحَسَن وَعَطَاء يَغْتَسِل وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَجْعَلَا لَهُ عُذْرًا وَمُقْتَضَى قَوْل اِبْن مَسْعُود @

الصفحة 531