كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وَالْمُسْتَأْجِر النِّصْف
( لِيَطِيرَ لَهُ النَّصْل وَالرِّيش )
: فَاعِلَانِ لِيَطِيرَ ، أَيْ يُصِيبهُمَا فِي الْقِسْمَة ، يُقَال : طَارَ لِفُلَانٍ النِّصْفُ وَلِفُلَانٍ الثُّلُثُ إِذَا وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمَة
( وَلِلْآخَرِ الْقَدَح )
: مَعْطُوف عَلَى لَهُ النَّصْل ، وَالْقَدَح خَشَب السَّهْم قَبْل أَنْ يُرَاشَ وَيُرَكَّب فِيهِ النَّصْل ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، وَالنَّصْل حَدِيدَة السَّهْم ، وَالرِّيش مِنْ الطَّائِر وَيَكُون فِي السَّهْم .
وَحَاصِله أَنَّهُ كَانَ يَقْتَسِم الرَّجُلَانِ السَّهْم فَيَقَع لِأَحَدِهِمَا نَصْله وَرِيشه ، وَلِلْآخَرِ قَدَحه .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الشَّيْء الْمُشْتَرَك بَيْن الْجَمَاعَة إِذَا اِحْتَمَلَ الْقِسْمَة فَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاء الْمُقَاسَمَة كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا دَامَ يَنْتَفِع بِالشَّيْءِ الَّذِي يَخُصّهُ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَدَح قَدْ يَنْتَفِع بِهِ عَرِيًّا مِنْ الرِّيش وَالنَّصْل ، وَكَذَلِكَ قَدْ يَنْتَفِع بِالرِّيشِ وَالنَّصْل وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُرَكَّبَيْنِ فِي قَدَح ، فَأَمَّا مَا لَا يَنْتَفِع بِقِسْمَتِهِ أَحَد مِنْ الشُّرَكَاء وَكَانَ فِي ذَلِكَ الضَّرَر وَالْإِفْسَاد لِلْمَالِ كَاللُّؤْلُؤَةِ تَكُون بَيْن الشُّرَكَاء أَوْ نَحْوهَا مِنْ الشَّيْء الَّذِي إِذَا فُرِّقَ بَيْن أَجْزَائِهِ بَطَلَتْ قِيمَته وَذَهَبَتْ مَنْفَعَته فَإِنَّ الْمُقَاسَمَة لَا تَجِب فِيهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ بَاب إِضَاعَة الْمَال ، فَيَبِيعُونَ الشَّيْء وَيَقْتَسِمُونَ الثَّمَن بَيْنهمْ عَلَى قَدْر حُقُوقهمْ مِنْهُ .
اِنْتَهَى .
( مَنْ عَقَدَ لِحْيَته )
: أَيْ عَالَجَهَا حَتَّى تَنْعَقِد وَتَتَجَعَّد ، وَقِيلَ : كَانُوا يَعْقِدُونَهَا فِي الْحُرُوب ، فَأَمَرَهُمْ بِإِرْسَالِهَا ، كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا وَعُجْبًا .
قَالَهُ اِبْن الْأَثِير
( أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا )
: بِفَتْحِ الْوَاو .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الْأَشْبَه أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَقْلِيد الْخَيْل أَوْتَار الْقِسِيّ ، نُهُوا عَنْ ذَلِكَ إِمَّا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ تَقْلِيدهَا بِذَلِكَ يَدْفَع عَنْهَا الْعَيْن ، وَمَخَافَة اِخْتِنَاقهَا بِهِ ، لَا سِيَّمَا عِنْد شِدَّة الرَّكْض ، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَطْعِ الْأَوْتَار عَنْ أَعْنَاق الْخَيْل .
كَذَا فِي كَشْف الْمَنَاهِج@

الصفحة 59