كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

عَلَى قِيَامك خَلْفِي وَلِمَ جِئْتنِي بِمَاءٍ
( تَتَوَضَّأ بِهِ )
أَيْ تَتَوَضَّأ بِالْمَاءِ بَعْد الْبَوْل الْوُضُوء الشَّرْعِيّ أَوْ الْمُرَاد بِهِ الْوُضُوء اللُّغَوِيّ وَهُوَ الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمُؤَلِّف وَابْن مَاجَهْ ، وَلِذَا أَوْرَدَهُ فِي بَاب الِاسْتِبْرَاء
( مَا أُمِرْت )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول
( كُلَّمَا بُلْت )
: صِيغَة الْمُتَكَلِّم مِنْ الْبَوْل
( أَنْ أَتَوَضَّأ )
: بَعْد الْبَوْل أَوْ أَسْتَنْجِي بَعْده بِالْمَاءِ ، وَكَانَ قَدْ تَرَكَ مَا هُوَ أَوْلَى وَأَفْضَلَ تَخْفِيفًا عَلَى الْأُمَّة وَإِبْقَاء وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ
( لَكَانَتْ )
: فَعْلَتِي
( سُنَّة )
: أَيْ طَرِيقَة وَاجِبَة لَازِمَة لِأُمَّتِي ، فَيَمْتَنِع عَلَيْهِمْ التَّرَخُّص بِاسْتِعْمَالِ الْحَجَر { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } .
قَالَ عَبْد الرَّءُوف الْمُنَادِي فِي فَتْح الْقَدِير : وَمَا ذَكَرَ مِنْ حَمْله الْوُضُوء عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيّ هُوَ مَا فَهِمَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره وَبَوَّبُوا عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُخَالِف لِلظَّاهِرِ بِلَا ضَرُورَة ، وَالظَّاهِر كَمَا قَالَهُ وَلِيّ الْعِرَاقِيّ حَمْلُهُ عَلَى الشَّرْعِيّ الْمَعْهُود ، فَأَرَادَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَتَوَضَّأ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِب الْحَدَث ، فَتَرَكَهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْفِيفًا وَبَيَانًا لِلْجَوَازِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
بَعْد قَضَاء الْحَاجَة أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة الرَّدّ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ وَعَلَى مَنْ نَفَى وُقُوعه مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة بِأَسَانِيدَ صَحِيحَة عَنْ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ فَقَالَ : إِذَا لَا يَزَال فِي يَدِي نَتْن .
وَعَنْ@

الصفحة 65