كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

زَيْد بْن خَالِد .
وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ : " لَأَخَّرْت صَلَاة الْعِشَاء إِلَى نِصْف اللَّيْل " .
( وَبِالسِّوَاكِ )
: أَيْ لَأَمَرْتهمْ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاك ، لِأَنَّ السِّوَاك هُوَ آلَة ، وَيُطْلَق عَلَى الْفِعْلِيّ أَيْضًا فَعَلَى هَذَا لَا تَقْدِير ، وَالسِّوَاك مُذَكَّر عَلَى الصَّحِيح ، وَحَكَى فِي الْمُحْكَم تَأْنِيثه ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْأَزْهَرِيّ
( عِنْد كُلّ صَلَاة )
: وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسْلِم وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج بِلَفْظِ : ( عِنْد كُلّ صَلَاة ) وَخَالَفَهُ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال عَنْ الْأَعْرَج فَقَالَ : " مَعَ الْوُضُوء " بَدَل الصَّلَاة .
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقه .
وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : " مَعَ كُلّ صَلَاة " قَالَ الْحَافِظ : قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيّ : لَوْلَا كَلِمَة تَدُلّ عَلَى اِنْتِفَاء الشَّيْء لِثُبُوتِ غَيْره ، وَالْحَقّ أَنَّهَا مُرَكَّبَة مِنْ " لَوْ " الدَّالَّةِ عَلَى اِنْتِفَاء الشَّيْء لِانْتِفَاءِ غَيْره وَ " لَا " النَّافِيَة ، فَدَلَّ الْحَدِيث عَلَى اِنْتِفَاء الْأَمْر لِثُبُوتِ الْمَشَقَّة لِأَنَّ اِنْتِفَاء النَّفْي ثُبُوت ، فَيَكُون الْأَمْر مَنْفِيًّا لِثُبُوتِ الْمَشَقَّة .
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْأَمْر لِلْوُجُوبِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ نَفَى الْأَمْر مَعَ ثُبُوت النَّدْبِيَّة ، وَلَوْ كَانَ لِلنَّدْبِ لَمَا جَازَ النَّفْي .
وَثَانِيهمَا : أَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْر مَشَقَّة عَلَيْهِمْ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّق إِذَا كَانَ الْأَمْر لِلْوُجُوبِ ، إِذْ النَّدْب لَا مَشَقَّة فِيهِ لِأَنَّهُ جَائِز التَّرْك .
وَقَالَ الشَّافِعِيّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ السِّوَاك لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَشُقّ ، وَإِلَى الْقَوْل بِعَدَمِ وُجُوبه صَارَ أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْم ، بَلْ اِدَّعَى بَعْضهمْ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ ، لَكِنْ حَكَى الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَتَبِعَهُ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ قَالَ : هُوَ وَاجِب لِكُلِّ صَلَاة ، فَمَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاته .
وَعَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ وَاجِبٌ لَكِنْ لَيْسَ شَرْطًا .
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ بِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ ، فَعِنْد اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَة مَرْفُوعًا " تَسَوَّكُوا " وَلِأَحْمَدَ نَحْوه مِنْ حَدِيث الْعَبَّاس@

الصفحة 70