كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وَيُسْتَنَّ بِسُنَّتِك ، وَقَدْ أُمِرَتْ هَذِهِ الْأُمَّة بِمُتَابَعَتِهِ خُصُوصًا ، وَبَيَان ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْك أَنْ اِتَّبِعْ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا } ، وَيُقَال كَانَتْ عَلَيْهِ فَرْضًا وَهُنَّ لَنَا سُنَّة
( قَصُّ الشَّارِب )
: أَيْ قَطْع الشَّعْر النَّابِت عَلَى الشَّفَة الْعُلْيَا مِنْ غَيْر اِسْتِئْصَال ، كَذَا فِي الْفَتْح ، وَوَرَدَ الْخَبَر بِلَفْظِ الْحَلْق وَهِيَ رِوَايَة النَّسَائِيِّ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يَزِيد عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا ، وَيَجِيء تَحْقِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب الْخَاتَم إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى
( وَإِعْفَاء اللِّحْيَة )
: هُوَ إِرْسَالهَا وَتَوْفِيرهَا .
وَاللِّحْيَة بِكَسْرِ اللَّام : شَعْر الْخَدَّيْنِ وَالذَّقَن ، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : " وَفِّرُوا اللِّحَى " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لِمُسْلِمٍ : " أَوْفُوا اللِّحَى " وَكَانَ مِنْ عَادَة الْفُرْس قَصُّ اللِّحْيَة ، فَنَهَى الشَّارِع عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِإِعْفَائِهَا
( وَالسِّوَاك )
: لِأَنَّهُ مَطْهَرَة الْفَم مَرْضَاة لِلرَّبِّ
( وَالِاسْتِنْشَاق بِالْمَاءِ )
: أَيْ إِيصَال الْمَاء إِلَى خَيَاشِيمه ، يَحْتَمِل حَمْله عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ الشَّرْع بِاسْتِحْبَابِهِ مِنْ الْوُضُوء وَالِاسْتِيقَاظ ، وَعَلَى مُطْلَقه ، وَعَلَى حَال الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ بِاجْتِمَاعِ أَوْسَاخ فِي الْأَنْف وَكَذَا السِّوَاك يَحْتَمِل كُلًّا مِنْهَا
( وَقَصَّ الْأَظْفَار )
: جَمْع ظُفُر أَيْ تَقْلِيمهَا
( الْبَرَاجِم )
: بِفَتْحِ الْبَاء وَبِالْجِيمِ : جَمْع بُرْجُمَة بِضَمِّ الْبَاء وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِع وَمَفَاصِلهَا كُلّهَا
( وَنَتْف الْإِبْط )
: بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَالْمُوَحَّدَة وَسُكُونهَا وَهُوَ الْمَشْهُور وَهُوَ يُذَكَّر وَيُؤَنَّث ، وَالْمُسْتَحَبّ الْبُدَاءَة فِيهِ بِالْيُمْنَى ، وَيَتَأَدَّى أَصْل السُّنَّة بِالْحَلْقِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ يُؤْلِمهُ النَّتْف .
قَالَ الْغَزَالِيّ : هُوَ فِي الِابْتِدَاء مُوجِع ، وَلَكِنْ يَسْهُل عَلَى مَنْ اِعْتَادَهُ .
قَالَ : وَالْحَلْق كَافٍ لِأَنَّ الْمَقْصُود النَّظَافَة ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحِكْمَة فِي نَتْفه أَنَّهُ مَحَلّ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَة ، وَإِنَّمَا يَنْشَأ ذَلِكَ مِنْ الْوَسَخ الَّذِي يَجْتَمِع بِالْعَرَقِ ، فَشُرِعَ فِيهِ النَّتْفُ الَّذِي يُضْعِفهُ ، فَتُخَفَّف الرَّائِحَة بِهِ بِخِلَافِ الْحَلْق ، فَإِنَّهُ يُكْثِر @

الصفحة 80