كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

ورسوله أو جعله شرطا للعبادة أو ركنا فيها أو وقف صحتها عليه هو مقيد بحال القدرة لأنها الحال التي يؤمر فيها به
وأما في حال العجز فغير مقدور ولا مأمور فلا تتوقف صحة العبادة عليه
وهذا كوجوب القيام والقراءة والركوع والسجود عند القدرة وسقوط ذلك بالعجز وكإشتراط ستر العورة واستقبال القبلة عند القدرة ويسقط بالعجز
وقد قال لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ولو تعذر عليها صلت بدونه وصحت صلاتها
وكذلك قوله لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ فإنه لو تعذر عليه الوضوء صلى بدونه وكانت صلاته مقبولة
وكذلك قوله لا تجزىء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود فإنه لو كسر صلبه وتعذر عليه إقامته أجزأته صلاته ونظائره كثيرة فيكون الطهور مفتاح الصلاة هو من هذا
لكن هنا نظر آخر وهو أنه إذا لم يمكن اعتبار الطهور عند تعذره فإنه يسقط وجوبه فمن أين لكم أن الصلاة تشرع بدونه في هذه الحال وهذا حرف المسألة وهلا قلتم إن الصلاة بدونه كالصلاة مع الحيض غير مشروعة لما كان الطهور غير مقدور للمرأة فلما صار مقدورا لها شرعت لها الصلاة وترتبت في ذمتها فما الفرق بين العاجز عن الطهور شرعا والعاجز عنه حسا فإن كلا منهما غير متمكن من الطهور
قيل هذا سؤال يحتاج إلى جواب
وجوابه أن يقال زمن الحيض جعله الشارع منافيا لشرعية العبادات من الصلاة والصوم والاعتكاف
فليس وقتا لعبادة الحائض فلا يترتب عليها فيه شيء
وأما العاجز فالوقت في حقه قابل لترتب العبادة المقدورة في ذمته فالوقت في حقه غير مناف لشرعية العبادة بحسب قدرته بخلاف الحائض فالعاجز ملحق بالمريض المعذور الذي يؤمر بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه والحائض ملحقة بمن هو من غير أهل التكليف فافترقا
ونكتة الفرق أن زمن الحيض ليس بزمن تكليف بالنسبة إلى الصلاة بخلاف

الصفحة 90