كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

رسول الله وشرعه لأمته وكان فعله له تعليما وبيانا لمراد الله من كلامه
وهكذا التكبير هنا هو التكبير المعهود الذي نقلته الأمة نقلا ضروريا خلفا عن سلف عن نبيها أنه كان يقوله في كل صلاة لا يقول غيره ولا مرة واحدة
فهذا هو المراد بلا شك في قوله تحريمها التكبير وهذا حجة على من جوز الله أكبر والله أكبر فإنه وإن سمي تكبيرا لكنه ليس التكبير المعهود المراد بالحديث
الحجة الثانية أن النبي قال للمسيء في صلاته إذا قمت إلى الصلاة فكبر ولا يكون ممتثلا للأمر إلا بالتكبير
وهذا أمر مطلق يتقيد بفعله الذي لم يخل به هو ولا أحد من خلفائه ولا أصحابه
الحجة الثالثة ما روى أبو داود من حديث رفاعة أن النبي قال لا يقبل الله صلاة امرىء حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر
الحجة الرابعة أنه لو كانت الصلاة تنعقد بغير هذا اللفظ لتركه النبي ولو في عمره مرة واحدة لبيان الجواز
فحيث لم ينقل أحد عنه قط أنه عدل عنه حتى فارق الدنيا دل على أن الصلاة لا تنعقد بغيره
الحجة الخامسة أنه لو قام غيره مقامه لجاز أن يقوم غير كلمات الأذان مقامها وأن يقول المؤذن كبرت الله أو الله الكبير أو الله أعظم ونحوه
بل تعين لفظة الله أكبر في الصلاة أعظم من تعينها في الأذان لأن كل مسلم لا بد له منها وأما الأذان فقد يكون في المصر مؤذن واحد أو اثنان والأمر بالتكبير في الصلاة آكد من الأمر بالتكبير في الأذان
وأما حجة أصحاب الشافعي على ترادف الله أكبر والله الأكبر فجوابها
أنهما ليسا بمترادفين فإن الألف واللام اشتملت على زيادة في اللفظ ونقص في المعنى

الصفحة 93