كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

السلام من تمامها وهو نهايتها ونهاية الشيء منه ليس خارجا عن حقيقته ولهذا أضيف إليها إضافة الجزء بخلاف مفتاحها فإن إضافته إضافة مغاير بخلاف تحليلها فإنه يقتضي أنه لا يتحلل منها إلا به
وأما بطلان الصلاة إذا فعله في أثنائها فلأنه قطع لها قبل إتمامها وإتيان بنهايتها قبل فراغها فلذلك أبطلها فالتسليم آخرها وخاتمها كما في حديث أبي حميد يختم صلاته بالتسليم فنسبة التسليم إلى آخرها كنسبة تكبيرة الإحرام إلى أولها فقول الله أكبر أول أجزائها وقول السلام عليكم آخر أجزائها
ثم لو سلم أنه ليس جزءا منها فإنه تحليل لها لا يخرج منها إلا به وذلك لا ينفي وجوبه كتحللات الحج فكونه تحليلا لا يمنع الإيجاب
فإن قيل ولا يقتضي قيل إذا ثبت انحصار التحليل في السلام تعين الإتيان به وقد تقدم بيان الحصر من وجهين
فصل وقد دل هذا الحديث على أن كل ما تحريمه التكبير وتحليله التسليم فمفتاحه الطهور فيدخل في هذا الوتر بركعة خلافا لبعضهم
واحتج بقوله صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
وجوابه أن كثيرا من الحفاظ طعن في هذه الزيادة ورأوها غير محفوظة
وأيضا فإن الوتر تحريمه التكبير وتحليله التسليم فيجب أن يكون مفتاحه الطهور
وأيضا فالمغرب وتر لا مثنى والطهارة شرط فيها
وأيضا فالنبي سمي الوتر صلاة بقوله فإذا خفت الصبح فصل ركعة توتر لك ما قد صليت
وأيضا فإجماع الأمة من الصحابة ومن بعدهم على أطلاق اسم الصلاة على الوتر
فهذا القول في غاية الفساد
ويدخل في الحديث أيضا صلاة الجنازة لأن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم

الصفحة 96