كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وهذا قول أصحاب رسول الله لا يعرف عنهم فيه خلاف وهو قول الأئمة الأربعة وجمهور الأمة خلافا لبعض التابعين
وقد ثبت عن النبي تسميتها صلاة وكذلك عن الصحابة وحملة الشرع كلهم يسمونها صلاة
وقول النبي مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم هو فصل الخطاب في هذه المسائل وغيرها طردا وعكسا فكل ما كان تحريمه التكبير وتحليله التسليم فلا بد من افتتاحه بالطهارة
فإن قيل فما تقولون في الطواف بالبيت فإنه يفتتح بالطهارة ولا تحريم فيه ولا تحليل
قيل شرط النقض أن يكون ثابتا بنص أو إجماع
وقد اختلف السلف والخلف في اشتراط الطهارة للطواف على قولين أحدهما أنها شرط كقول الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد
والثاني ليست بشرط نص عليه في رواية ابنه عبد الله وغيره بل نصه في رواية عبد الله تدل على أنها ليست بواجبة فإنه قال أحب إلي أن يتوضأ وهذا مذهب أبي حنيفة
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية وهذا قول أكثر السلف قال وهو الصحيح فإنه لم ينقل أحد عن النبي أنه أمر المسلمين بالطهارة لا في عمره ولا في حجته مع كثرة من حج معه واعتمر ويمتنع أن يكون ذلك واجبا ولا يبنيه للأمة وتأخير البيان عن وقته ممتنع
فإن قيل فقد طاف النبي متوضئا وقال خذوا عني مناسككم
قيل الفعل لا يدل على الوجوب
والأخذ عنه هو أن يفعل كما فعل على الوجه الذي فعل فإذا كان قد فعل فعلا على وجه الاستحباب فأوجبناه لم نكن قد أخذنا عنه ولا تأسينا به مع أنه فعل في حجته أشياء كثيرة جدا لم يوجبها أحد من الفقهاء

الصفحة 97