كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

بِلَامَيْنِ وَفَتْح الرَّاء بَعْدهَا أَلِف مَقْصُورَة وَفِي صَحِيح مُسْلِم وَسُنَن اِبْن مَاجَهْ قَالَ يُونُس وَكَانَ اِبْن شِهَاب يَقْرَؤُهَا لِلذِّكْرَى اِنْتَهَى . وَهَذِهِ قِرَاءَة شَاذَّة وَالْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة لِذِكْرِي بِلَامٍ وَاحِدَة وَكَسْر الرَّاء كَمَا سَيَجِيءُ
( قَالَ عَنْبَسَةَ يَعْنِي عَنْ يُونُس فِي هَذَا الْحَدِيث لِذِكْرِي )
: أَيْ بِلَامٍ وَاحِدَة وَكَسْر الرَّاء وَهِيَ الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة وَأَخْرَجَ مُسْلِم وَابْن مَاجَهْ عَنْ حَرْمَلَة بْن يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن وَهْب أَخْبَرَنِي يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب بِإِسْنَادِهِ وَفِيهِ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ { أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } أَيْ بِلَامٍ وَاحِدَة وَكَسْر الرَّاء . وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم وَمُوسَى بْن إِسْمَاعِيل قَالَا حَدَّثَنَا هَمَّام عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ نَسِيَ صَلَاة فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ ؛ لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِكَ وَأَقِمْ الصَّلَاة لِذِكْرِي " قَالَ مُوسَى قَالَ هَمَّام سَمِعْته يَقُول بَعْد " وَأَقِمْ الصَّلَاة لِلذِّكْرَى " اِنْتَهَى قَالَ الْعَيْنِيّ : حَاصِله أَنَّ هَمَّامًا سَمِعَهُ مِنْ قَتَادَةَ مَرَّة بِلَفْظِ لِلذِّكْرَى يَعْنِي بِقِرَاءَةِ اِبْن شِهَاب الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَمَرَّة بِلَفْظِ لِذِكْرِي أَيْ بِالْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَة . وَعَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ اِخْتَلَفُوا فِي الْمُرَاد فَقِيلَ الْمَعْنَى لِتَذْكُرنِي فِيهَا وَقِيلَ لِأَوْقَاتِ ذِكْرَى وَهِيَ مَوَاقِيت الصَّلَاة وَقَالَ الشَّيْخ التُّورْبَشْتِيُّ : هَذِهِ الْآيَة تَحْتَمِل وُجُوهًا كَثِيرَة مِنْ التَّأْوِيل لَكِنْ الْوَاجِب أَنْ يُصَار إِلَى وَجْه يُوَافِق الْحَدِيث ، فَالْمَعْنَى أَقِمْ الصَّلَاة لِذِكْرِهَا لِأَنَّهُ إِذَا ذَكَرَهَا فَقَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى . أَوْ يُقَدَّر الْمُضَاف أَيْ لِذِكْرِ صَلَاتِي ، أَوْ وَقَعَ ضَمِير اللَّه مَوْضِع ضَمِير الْبِلَاد لِسَرَفِهَا وَخُصُوصِيَّتهَا اِنْتَهَى . وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : لِذِكْرِي مِنْ بَاب إِضَافَة الْمَصْدَر إِلَى الْمَفْعُول ، وَاللَّام بِمَعْنَى الْوَقْت ، أَيْ إِذَا ذَكَرْت صَلَاتِي بَعْد النِّسْيَان . اِنْتَهَى وَإِنْ شِئْت التَّفْصِيل فَارْجِعْ إِلَى غَايَة الْمَقْصُود . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا فِي مَكَانهمْ ذَلِكَ عِنْد مَا اِسْتَيْقَظُوا حَتَّى اِقْتَادُوا رَوَاحِلهمْ ثُمَّ تَوَضَّئُوا ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَال وَصَلَّى بِهِمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي مَعْنَى ذَلِكَ وَتَأْوِيله ، فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِتَرْتَفِع الشَّمْس فَلَا يَكُون فِي وَقْت مَنْهِيّ عَنْ الصَّلَاة فِيهِ وَذَلِكَ@

الصفحة 105