كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الدُّور جَمْع دَار وَهُوَ اِسْم جَامِع لِلْبِنَاءِ ، وَالْعَرْصَة وَالْمَحَلَّة وَالْمُرَاد الْمَحَلَّات ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْمَحَلَّة الَّتِي اِجْتَمَعَتْ فِيهَا قَبِيلَة دَارًا أَوْ مَحْمُول عَلَى اِتِّخَاذ بَيْت فِي الدَّار لِلصَّلَاةِ كَالْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ أَهْل الْبَيْت . قَالَهُ اِبْن الْمَلَك ، وَالْأَوَّل هُوَ الْمَعْلُول وَعَلَيْهِ الْعَمَل . وَحِكْمَة أَمْره لِأَهْلِ كُلّ مَحَلَّة بِبِنَاءِ مَسْجِد فِيهَا أَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّر أَوْ يَشُقّ عَلَى أَهْل مَحَلَّة الذَّهَاب لِلْأُخْرَى ، فَيُحْرَمُونَ أَجْر الْمَسْجِد وَفَضْل إِقَامَة الْجَمَاعَة فِيهِ فَأُمِرُوا بِذَلِكَ لِيَتَيَسَّر لِأَهْلِ كُلّ مَحَلَّة الْعِبَادَة فِي مَسْجِدهمْ مِنْ غَيْر مَشَقَّة تَلْحَقهُمْ
( وَأَنْ تُنَظَّف )
: مَعْنَاهُ تُطَهَّر كَمَا فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ ، وَالْمُرَاد تَنْظِيفهَا مِنْ الْوَسَخ وَالدَّنَس وَبِإِزَالَةِ النَّتْن وَالْعَذِرَات وَالتُّرَاب
( وَتُطَيَّب )
: بِالرَّشِّ أَوْ الْعِطْر . قَالَ اِبْن رَسْلَان : بِطِيبِ الرِّجَال وَهُوَ مَا خَفِيَ لَوْنه وَظَهَر رِيحه ، فَإِنَّ اللَّوْن رُبَّمَا شَغَلَ بَصَر الْمُصَلِّي . وَالْأَوْلَى فِي تَطْيِيب الْمَسْجِد مَوَاضِع الْمُصَلِّينَ وَمَوَاضِع سُجُودهمْ أَوْلَى . وَيَجُوز أَنْ يُحْمَل التَّطْيِيب عَلَى التَّجْمِير فِي الْمَسْجِد بِالْبَخُورِ . اِنْتَهَى . وَالظَّاهِر أَنَّ الْأَمْر بِبِنَاءِ الْمَسْجِد لِلْوُجُوبِ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مُرْسَلًا وَقَالَ : هَذَا أَصَحّ مِنْ الْحَدِيث الْأَوَّل .@

الصفحة 126