كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

( حَفِظَ مِنِّي سَائِر الْيَوْم )
: وَهَذِهِ الْجُمْلَة مِنْ بَقِيَّة الْحَدِيث الَّتِي بَلَغَك عَنِّي وَمَعْنَى حَفِظَ مِنِّي سَائِر الْيَوْم أَيْ بَقِيَّته أَوْ جَمِيعه ، وَيُقَاس عَلَيْهِ اللَّيْل ، أَوْ يُرَاد بِالْيَوْمِ مُطْلَق الْوَقْت فَيَشْمَلهُ . قَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ : إِنْ أُرِيدَ حِفْظه مِنْ جِنْس الشَّيَاطِين تَعَيَّنَ حَمْله عَلَى حِفْظه مِنْ كُلّ شَيْء مَخْصُوص كَأَكْبَر الْكَبَائِر ، أَوْ مِنْ إِبْلِيس اللَّعِين فَقَطْ بَقِيَ الْحِفْظ عَلَى عُمُومه وَمَا يَقَع مِنْهُ مِنْ إِغْوَاء جُنُوده ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ لِأَنَّا نَرَى وَنَعْلَم مَنْ يَقُول ذَلِكَ ، وَيَقَع فِي كَثِير مِنْ الذُّنُوب ، فَتَعَيَّنَ حَمْل الْحَدِيث عَلَى مَا ذَكَرْته وَإِنْ لَمْ أَرَهُ . اِنْتَهَى . وَفِيهِ أَنَّ الظَّاهِر أَنَّ لَامَ الشَّيْطَان لِلْعَهْدِ وَالْمُرَاد مِنْهُ قَرِينه الْمُوَكَّل عَلَى إِغْوَائِهِ ، وَأَنَّ الْقَائِل بِبَرَكَةِ مَا ذَكَرَ مِنْ الذِّكْر يُحْفَظ مِنْهُ فِي الْجُمْلَة ذَلِكَ الْوَقْت عَنْ بَعْض الْمَعَاصِي وَتَعْيِينه عِنْد اللَّه تَعَالَى ، وَبِهِ يَرْتَفِع أَصْل الْإِشْكَال وَاَللَّه أَعْلَم بِالْحَالِ . كَذَا فِي الْمِرْقَاة .
395 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَلْيُصَلِّ سَجْدَتَيْنِ )
: أَيْ رَكْعَتَيْنِ
( مِنْ قَبْل أَنْ يَجْلِس )
: تَعْظِيمًا لِلْمَسْجِدِ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِد كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد قَبْل أَنْ يَجْلِس ، وَسَوَاء كَانَ ذَلِكَ فِي جُمْعَة أَوْ غَيْرهَا ، كَانَ الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمّ وَلَمْ يَخُصّ . قُلْت : هَذَا الْقَوْل هُوَ الصَّحِيح كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة عَنْ جَابِر " أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب فَقَالَ : أَصَلَّيْت يَا فُلَان ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : قُمْ فَارْكَعْ " .@

الصفحة 133