كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

عِنْد بَاب الْمَسْجِد
( ثُمَّ عَقَلَهُ )
: أَيْ شَدَّ الرَّجُل الْبَعِير
( مُتَّكِئ بَيْن ظَهْرَانَيْهِمْ )
: زِيدَتْ فِيهِ أَلِف وَنُون مَفْتُوحَة ، قَدْ جَاءَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة بَيْن ظَهْرَانَيْهِمْ وَبَيْن أَظْهُرهمْ فِي الْحَدِيث كَثِيرًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ ظَهْرًا مِنْهُمْ قُدَّام النَّبِيّ وَظَهْرًا مِنْهُمْ وَرَاءَهُ فَهُوَ مَكْنُوف مِنْ جَانِبَيْهِ وَمِنْ جَوَانِبه إِذَا قِيلَ بَيْن أَظْهُرهمْ ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الْإِقَامَة بَيْن الْقَوْم مُطْلَقًا . وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئ بَيْن الْقَوْم . هَذَا مُلَخَّص مَا فِي النِّهَايَة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كُلّ مَنْ اِسْتَوَى قَاعِدًا عَلَى وَطَاء فَهُوَ مُتَّكِئ ، وَالْعَامَّة لَا تَعْرِف الْمُتَّكِئ إِلَّا مَنْ مَال فِي قُعُوده مُعْتَمِدًا عَلَى أَحَد شِقَّيْهِ
( هَذَا الْأَبْيَض الْمُتَّكِئ )
: هُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَدْ أَجَبْتُك )
: أَيْ سَمِعْت ، وَالْمُرَاد مِنْهُ إِنْشَاء الْإِجَابَة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ لَهُ قَدْ أَجَبْتُك وَلَمْ يَسْتَأْنِف لَهُ الْجَوَاب لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَدْعُوهُ بِاسْمِ جَدّه وَأَنْ يَنْسُبهُ إِلَيْهِ إِذْ جَدّه عَبْد الْمُطَّلِب كَانَ كَافِرًا غَيْر مُسْلِم فَأَحَبَّ أَنَّ يَدْعُوهُ بِاسْمِ النُّبُوَّة وَالرِّسَالَة . قَالَ وَهَذَا وَجْه . وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَوْم حُنَيْنٍ حِين حَمَلَ عَلَى الْكُفَّار وَانْهَزَمُوا " أَنَا النَّبِيّ لَا كَذِب أَنَا اِبْن عَبْد الْمُطَّلِب " وَقَدْ قَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم فِي هَذَا إِنَّهُ لَمْ يَذْهَب بِهَذَا الْقَوْل مَذْهَب الِانْتِسَاب إِلَى شَرَف الْآبَاء عَلَى سَبِيل الِافْتِخَار بِهِمْ وَلَكِنَّهُ ذَكَّرهمْ بِذَلِكَ رُؤْيَا كَانَ رَآهَا عَبْد الْمُطَّلِب لَهُ أَيَّام حَيَاته وَكَانَ ذَلِكَ إِحْدَى دَلَائِل نُبُوَّته وَكَانَتْ@

الصفحة 152