كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الْكَرَاهِيَة فِيهِ عَنْ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف . وَاحْتَجَّ بَعْض مَنْ لَمْ يُجِزْ الصَّلَاة فِي الْمَقْبَرَة وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَة التُّرْبَة بِقَوْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلُّوا فِي بُيُوتكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا مَقَابِر " قَالَ : فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْبَرَة لَيْسَتْ بِمَحَلِّ لِلصَّلَاةِ . اِنْتَهَى . قُلْت : وَذَهَبَ الثَّوْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة إِلَى كَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْمَقْبَرَة ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا كَمَا فَرَّقَ الشَّافِعِيّ وَهُوَ الْأَشْبَه ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِك فَالْأَحَادِيث تَرُدّ عَلَيْهِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ . وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيث مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : وَهَذَا حَدِيث فِيهِ اِضْطِرَاب ، وَذَكَرَ أَنَّ سُفْيَان الثَّوْرِيّ أَرْسَلَهُ . قَالَ : وَكَأَنَّ رِوَايَة الثَّوْرِيّ عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَت وَأَصَحّ .
416 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِك الْإِبِل )
: جَاءَ فِي الْأَحَادِيث النَّهْي عَنْ الصَّلَاة فِي مَوْضِع مَبَارِك الْإِبِل ، وَفِي مَوْضِع أَعْطَانِ الْإِبِل ، وَفِي مَوْضِع مُنَاخ الْإِبِل ، وَفِي مَوْضِع مَرَابِد الْإِبِل ، وَوَقَعَ عِنْد الطَّحَاوِيِّ فِي حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة : " أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُول اللَّه أُصَلِّي فِي مَبَاءَة الْغَنَم ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ أُصَلِّي فِي مَبَاءَة الْإِبِل ؟ قَالَ لَا " وَالْمَبَارِك جَمْع مَبْرَك وَهُوَ مَوْضِع بُرُوك الْجَمَل فِي أَيّ مَوْضِع كَانَ . وَالْأَعْطَان جَمْع عَطَن وَهُوَ الْمَوْضِع الَّذِي تُنَاخ فِيهِ عِنْد وُرُودهَا الْمَاء فَقَطْ . وَقَالَ اِبْن حَزْم : كُلّ عَطَن فَهُوَ مَبْرَك ، وَلَيْسَ كُلّ مَبْرَك عَطَنًا لِأَنَّ الْعَطَن هُوَ الْمَوْضِع@

الصفحة 159