كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

فِي هَذَا الْبَاب فَمَدَارهَا عَلَى حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل أَنَّ عَبْد اللَّه بْن زَيْد ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن عَنْ عَبْد اللَّه اِبْن زَيْد عَنْ آبَائِهِمْ فَغَيْر مُسْتَقِيمَة الْأَسَانِيد . اِنْتَهَى . قَالَهُ فِي غَايَة الْمَقْصُود . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : رَوَى هَذَا الْحَدِيث وَالْقِصَّة بِأَسَانِيد مُخْتَلِفَة وَهَذَا الْإِسْنَاد أَصَحّهَا ، وَفِيهِ أَنَّهُ ثَنَّى الْأَذَان وَأَفْرَدَ الْإِقَامَة ، وَهُوَ مَذْهَب أَكْثَر عُلَمَاء الْأَمْصَار ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَل فِي الْحَرَمَيْنِ وَالْحِجَاز وَبِلَاد الشَّام وَالْيَمَن وَدِيَار مِصْر وَنَوَاحِي الْمَغْرِب إِلَى أَقْصَى حِجْر مِنْ بِلَاد الْإِسْلَام ، وَهُوَ قَوْل الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَمَكْحُول وَالزُّهْرِيّ وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَغَيْرهمْ ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ سَعْد الْقُرَظِيُّ . وَقَدْ كَانَ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاته بِقَبَاءِ ثُمَّ اِسْتَخْلَفَهُ بِلَال زَمَن عُمَر بْن الْخَطَّاب فَكَانَ يُفْرِد الْإِقَامَة فَلَمْ يَزَلْ وَلَد أَبِي مَحْذُورَة وَهُمْ الَّذِينَ يَلُونَ الْأَذَان بِمَكَّة يُفْرِدُونَ الْإِقَامَة وَيَحْكُونَهُ عَنْ جَدّهمْ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رَوَى فِي قِصَّة أَذَان أَبِي مَحْذُورَة الَّذِي عَلَّمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْصَرِفه مِنْ حُنَيْنٍ أَنَّ الْأَذَان تِسْع عَشْرَة كَلِمَة وَالْإِقَامَة سَبْع عَشْرَة كَلِمَة . وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْكِتَاب إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْر هَذِهِ الطَّرِيق أَنَّهُ أَفْرَدَ الْإِقَامَة غَيْر أَنَّ التَّثْنِيَة عَنْهُ أَشْهَر إِلَّا أَنَّ فِيهِ إِثْبَات التَّرْجِيع فَيُشْبِه أَنْ يَكُون الْعَمَل مِنْ أَبِي مَحْذُورَة وَمِنْ وَلَده بَعْده إِنَّمَا اِسْتَمَرَّ عَلَى إِفْرَاد الْإِقَامَة إِمَّا لِأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ بَعْد الْأَمْر الْأَوَّل بِالتَّثْنِيَةِ ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِلَالًا بِإِفْرَادِ الْإِقَامَة فَاتَّبَعَهُ ، وَكَانَ أَمْر الْأَذَان يُنْقَل مِنْ حَال إِلَى حَال وَتَدْخُلهُ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان ، وَلَيْسَ أُمُور كُلّ الشَّرْع يَنْقُلهَا رَجُل وَاحِد ، وَلَا كَانَ وَقَعَ بَيَانهَا كُلّهَا ضَرْبَة وَاحِدَة . وَقِيلَ لِأَحْمَد بْن حَنْبَل ، وَكَانَ يَأْخُذ فِي هَذَا بِأَذَانِ بِلَال أَلَيْسَ أَذَان أَبِي مَحْذُورَة بَعْد أَذَان بِلَال وَإِنَّمَا يُؤْخَذ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَث مِنْ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ لَمَّا عَادَ إِلَى@

الصفحة 175