كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

لِمَعَانٍ مِنْهَا أَجْزَأَ وَأَغْنَى وَمِنْهَا وَقَى . وَالْأُولَى مُتَعَدِّيَة لِوَاحِدٍ كَقَوْلِهِ : قَلِيل مِنْك يَكْفِينِي ، وَلَكِنَّ قَلِيلَك لَا يُقَال لَهُ قَلِيل .
وَالثَّانِيَة مُتَعَدِّيَة لِاثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { كَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال } وَهَاهُنَا بِمَعْنَى وَقَى ، أَيْ وَقَاهُمْ خُدَّامهمْ وَغِلْمَانهمْ عَنْ الْعَمَل وَالتَّعَب وَالشِّدَّة
( وَذَهَبَ بَعْض الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضهمْ بَعْضًا مِنْ الْعَرَق )
: بِفَتْحِ الْعَيْن وَالرَّاء وَهُوَ مَا يَخْرُج مِنْ الْجَسَد وَقْت الْحَرَارَة . وَقَوْله مِنْ الْعَرَق بَيَان لِقَوْلِهِ بَعْض الَّذِي ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْعَرَق الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بِهِ بَعْضهمْ ذَهَبَ وَزَالَ بِسَبَبِ لُبْسهمْ غَيْر الصُّوف .
300 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ الْأَصْمَعِيّ : أَيْ فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ . اِنْتَهَى . وَقَالَ اِبْن الْأَثِير : وَالْبَاء فِي قَوْله فَبِهَا مُتَعَلِّقَة بِفِعْلٍ مُضْمَر ، أَيْ فَبِهَذِهِ الْخَصْلَة أَوْ الْفَعْلَة يَعْنِي الْوُضُوء يَنَال الْفَضْل اِنْتَهَى
( وَنِعْمَتْ )
: بِكَسْرِ النُّون وَسُكُون الْعَيْن هَذَا هُوَ الْمَشْهُور ، وَرُوِيَ بِفَتْحِ النُّون وَكَسْر الْعَيْن وَفَتْح الْمِيم وَهُوَ الْأَصْل فِي هَذِهِ اللَّفْظَة . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : نِعْمَتْ الْخَصْلَة أَوْ نِعْمَتْ الْفَعْلَة وَنَحْو ذَلِكَ . وَإِنَّمَا أُظْهِرَتْ التَّاء الَّتِي هِيَ عَلَامَة التَّأْنِيث لِإِضْمَارِ السُّنَّة أَوْ الْخَصْلَة أَوْ الْفَعْلَة . اِنْتَهَى .
( وَمَنْ اِغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَل )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ . وَفِيهِ الْبَيَان الْوَاضِح أَنَّ الْوُضُوء كَافٍ لِلْجُمْعَةِ ، وَأَنَّ الْغُسْل لَهَا فَضِيلَة لَا فَرِيضَة . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : دَلَّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ غُسْل يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ فَضْل مِنْ غَيْر وُجُوب يَجِب عَلَى الْمَرْء . اِنْتَهَى . وَقَالَ الْحَافِظ : فَأَمَّا الْحَدِيث فَعَوَّلَ عَلَى الْمُعَارَضَة بِهِ كَثِير مِنْ الْمُحَدِّثِينَ ، وَوَجْه الدَّلَالَة مِنْهُ قَوْله " فَالْغُسْل أَفْضَل " فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اِشْتَرَاك الْوُضُوء وَالْغُسْل فِي أَصْل الْفَضْل@

الصفحة 18