كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

. اِبْن الْمُثَنَّى
( الْحَال الثَّالِث إِلَخْ )
: يَعْنِي كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُصَلُّونَ فِي أَوَّل قُدُومهمْ الْمَدِينَة نَحْو بَيْت الْمَقْدِس ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا لِمُوَافَقَةِ يَهُود الْمَدِينَة وَيَقْصِدُونَ بَيْت الْمَقْدِس ، وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل قَالَ : أُحِيلَتْ الصَّلَاة ثَلَاثَة أَحْوَال وَأُحِيلَ الصِّيَام ثَلَاثَة أَحْوَال ، فَأَمَّا أَحْوَال الصَّلَاة فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَة وَهُوَ يُصَلِّي سَبْعَة عَشَر شَهْرًا إِلَى بَيْت الْمَقْدِس ثُمَّ إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } الْآيَة فَوَجَّهَهُ اللَّه إِلَى مَكَّة هَذَا حَال . اِنْتَهَى . قُلْت : وَمَا فِي رِوَايَة أَحْمَد : تَوَجَّهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس سَبْعَة عَشَر شَهْرًا هُوَ الصَّحِيح ، وَمُوَافِق لِمَا فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَغَيْره سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا . وَفِي صَحِيح مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ سِتَّة عَشَر شَهْرًا مِنْ غَيْر شَكّ ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم وَالْحَافِظ فِي فَتْح الْبَارِي ، وَمَا فِي رِوَايَة الْكِتَاب ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا ، فَهُوَ يُعَارِض مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَضَعَّف الْحَافِظ بْن حَجَر رِوَايَة ثَلَاثَة عَشَر شَهْرًا ، وَأَشْبَع الْكَلَام فِيهِ وَأَطَابَ وَاَللَّه أَعْلَم وَلَمَّا غَلَبَ أَهْل الْإِسْلَام وَتَمَنَّى النَّبِيّ وَدَعَا رَبّه تَحْوِيل الْقِبْلَة مِنْ بَيْت الْمَقْدِس إِلَى الْكَعْبَة ، فَقَبِلَ اللَّه تَعَالَى دُعَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة )
: الْآتِيَة
{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك }
: يَعْنِي تُرَدِّد وَجْهك وَتَصْرِف نَظَرَك
{ فِي السَّمَاء }
أَيْ إِلَى جِهَة السَّمَاء
{ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ }
أَيْ فَلَنُحَوِّلَنَّكَ وَلَنَصْرِفَنَّكَ
{ قِبْلَة }
أَيْ وَلَنَصْرِفَنَّكَ عَنْ بَيْت الْمَقْدِس إِلَى قِبْلَة
{ تَرْضَاهَا }
أَيْ تُحِبّهَا وَتَمِيل إِلَيْهَا
{ فَوَلِّ وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }
أَيْ نَحْوه وَتِلْقَاءَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْكَعْبَة
{ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ }
أَيْ مِنْ بَرّ أَوْ بَحْر مَشْرِق أَوْ مَغْرِب
{ فَوَلُّوا @

الصفحة 197