كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
عَنْ الْإِمْسَاك عَنْ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع فِي وَقْت مَخْصُوص وَهُوَ مِنْ طُلُوع الْفَجْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس مَعَ النِّيَّة . قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره
{ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ }
يَعْنِي مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم مِنْ لَدُنْ آدَم إِلَى عَهْدكُمْ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْم عِبَادَة قَدِيمَة أَيْ فِي الزَّمَن الْأَوَّل مَا أَخْلَى اللَّه أُمَّة لَمْ يَفْرِضهُ عَلَيْهِمْ كَمَا فَرَضَهُ عَلَيْكُمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْم عِبَادَة شَاقَّة وَالشَّيْء الشَّاقّ إِذَا عَمّ سَهُلَ عَمَله . قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) : يَعْنِي مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ فِي صِيَامكُمْ ، لِأَنَّ الصَّوْم وَصْلَة إِلَى التَّقْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْر النَّفْس وَتَرْك الشَّهَوَات مِنْ الْأَكْل وَالْجِمَاع وَغَيْرهمَا ( أَيَّامًا ) : نُصِبَ بِالصِّيَامِ أَوْ يَصُومُوا مُقَدَّرًا ( مَعْدُودَات ) : أَيْ قَلَائِل أَيْ مُوَقَّتَات بِعَدَدِ مَعْلُوم وَفِي رَمَضَان ، وَقَلَّلَهُ ثَمَّ تَسْهِيلًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ . قَالَهُ فِي تَفْسِير الْجَلَالَيْنِ ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ ) : حِين شُهُود رَمَضَان ( مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر ) : أَيْ مُسَافِر فَأَفْطَرَ ( فَعِدَّة ) : فَعَلَيْهِ عِدَّة مَا أَفْطَرَ ( مِنْ أَيَّام أُخَر ) : يَصُومهَا بَدَله ( وَعَلَى الَّذِي يُطِيقُونَهُ ) : أَيْ يُطِيقُونَ الصَّوْم . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي حُكْم هَذِهِ الْآيَة أَكْثَرهمْ إِلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَة ، وَهُوَ قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب وَسَلَمَة بْن الْأَكْوَع وَغَيْرهمَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام مُخَيَّرِينَ بَيْن أَنْ يَصُومُوا وَبَيْن أَنْ يُفْطِرُوا وَيَفْدُوا ، وَإِنَّمَا خَيَّرَهُمْ اللَّه تَعَالَى لِئَلَّا يَشُقّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصَّوْم ، ثُمَّ نُسِخَ التَّخْيِير وَنَزَلَتْ الْعَزِيمَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فَصَارَتْ هَذِهِ الْآيَة نَاسِخَة لِلتَّخْيِيرِ . قَالَهُ الْخَازِن فِي تَفْسِيره . وَقَالَ فِي تَفْسِير الْجَلَالَيْنِ : مَعْنَاهَا وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ اِنْتَهَى . أَيْ بِتَقْدِيرِ لَا ( فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) : الْفِدْيَة الْجَزَاء وَسِرّ الْقَدْر الَّذِي يَبْذُلهُ الْإِنْسَان يَقِي بِهِ نَفْسه مِنْ تَقْصِير وَقَعَ مِنْهُ فِي عِبَادَة وَنَحْوهَا وَيَجِب عَلَى مَنْ أَفْطَرَ @
الصفحة 199