كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ بِقَوْلِهِ بَاب الثَّوَاب عَلَى رَفْع الصَّوْت بِالْأَذَانِ .
432 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَدَى صَوْته )
: بِفَتْحِ الْمِيم وَالدَّال . قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن وَابْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : مَدَى الشَّيْء غَايَته ، وَالْمَعْنَى أَنْ يَسْتَكْمِل مَغْفِرَة اللَّه تَعَالَى إِذَا اِسْتَوْفَى وُسْعه فِي رَفْع الصَّوْت فَيَبْلُغ الْغَايَة مِنْ الْمَغْفِرَة إِذَا بَلَغَ الْغَايَة مِنْ الصَّوْت . وَقِيلَ فِيهِ وَجْه آخَر وَهُوَ أَنَّهُ كَلَام تَمْثِيل وَتَشْبِيه يُرِيد أَنَّ الْمَكَان الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الصَّوْت لَوْ يُقَدَّر أَنْ يَكُون مَا بَيْن أَقْصَاهُ وَبَيْن مَقَامه الَّذِي هُوَ فِيهِ ذُنُوب تَمْلَأ تِلْكَ الْمَسَافَة غَفَرَهَا اللَّه لَهُ اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة قِيلَ مَعْنَاهُ أَيْ لَهُ مَغْفِرَة طَوِيلَة عَرِيضَة عَلَى طَرِيق الْمُبَالَغَة أَيْ يَسْتَكْمِل مَغْفِرَة اللَّه إِذَا اِسْتَوْفَى وُسْعه فِي رَفْع الصَّوْت . وَقِيلَ يَغْفِر خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَتْ أَجْسَامًا لَمَلَأَتْ مَا بَيْن الْجَوَانِب الَّتِي يَبْلُغهَا . وَالْمَدَى عَلَى الْأَوَّل نُصِبَ عَلَى الظَّرْف وَعَلَى الثَّانِي رُفِعَ عَلَى أَنَّهُ أُقِيم مَقَام الْفَاعِل ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُغْفَر لِأَجْلِهِ كُلّ مَنْ سَمِعَ صَوْته فَحَضَرَ لِلصَّلَاةِ الْمُسَبَّبَة لِنِدَائِهِ فَكَأَنَّهُ غُفِرَ لِأَجْلِهِ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَغْفِر ذُنُوبه الَّتِي بَاشَرَهَا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي إِلَى حَيْثُ يَبْلُغ صَوْته ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَغْفِر بِشَفَاعَتِهِ ذُنُوب مَنْ كَانَ سَاكِنًا أَوْ مُقِيمًا إِلَى حَيْثُ يَبْلُغ صَوْته ، وَقِيلَ يَغْفِر بِمَعْنَى يَسْتَغْفِر أَيْ يَسْتَغْفِر لَهُ كُلّ مَنْ يَسْمَع صَوْته اِنْتَهَى
( وَيَشْهَد لَهُ )
: أَيْ لِلْمُؤَذِّنِ
( كُلّ رَطْب )
: أَيْ نَام
( وَيَابِس )
: أَيْ جَمَاد مِمَّا يَبْلُغهُ صَوْته وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ " فَارْفَعْ صَوْتك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَع مَدَى @

الصفحة 211