كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
ثَمَّ عُطِفَتْ هَذِهِ الْجُمْلَة عَلَى الْمُؤَذِّن يُغْفَر لَهُ لِبَيَانِ أَنَّ لَهُ ثَوَابَيْنِ الْمَغْفِرَة وَكِتَابَة مِثْل تِلْكَ الْكِتَابَة . وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَنَّ شَاهِد الصَّلَاة عَطْف عَلَى كُلّ رَطْب عَطْف خَاصّ عَلَى عَامّ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأ كَمَا اِخْتَارَهُ الطِّيبِيُّ . ثُمَّ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الضَّمِير فِي يَكْتُب لَهُ لِلشَّاهِدِ وَهُوَ أَقْرَب لَفْظًا وَسِيَاقًا أَوْ لِلْمُؤَذِّنِ وَهُوَ أَنْسَب مَعْنًى وَسِيَاقًا . كَذَا فِي الْمِرْقَاة
( وَيُكَفَّر عَنْهُ )
: أَيْ الشَّاهِد أَوْ الْمُؤَذِّن
( مَا بَيْنهمَا )
: أَيْ مَا بَيْن الصَّلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ شَهِدَهُمَا أَوْ مَا بَيْن أَذَان إِلَى أَذَان مِنْ الصَّغَائِر . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَأَبُو يَحْيَى هَذَا لَمْ يُنْسَب فَيُعْرَف حَاله .
433 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ )
: وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : " إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ " وَالْبَاء لِلسَّبَبِيَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : { فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ } أَيْ بِسَبَبِ ذَنْبه وَمَعْنَاهُ : إِذَا أَذَّنَ لِأَجْلِ الصَّلَاة وَبِسَبَبِ الصَّلَاة ، وَمَعْنَى التَّعْلِيل قَرِيب مِنْ مَعْنَى السَّبَبِيَّة قَالَهُ الْعَيْنِيّ
( أَدْبَرَ )
: أَيْ عَنْ مَوْضِع الْأَذَان الْإِدْبَار نَقِيض الْإِقْبَال ، يُقَال دَبَرَ وَأَدْبَرَ إِذَا وَلَّى
( الشَّيْطَان )
: قَالَ فِي الْفَتْح : الظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد بِالشَّيْطَانِ إِبْلِيس وَعَلَيْهِ يَدُلّ كَلَام كَثِير مِنْ الشُّرَّاح ، وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد جِنْس الشَّيْطَان وَهُوَ كُلّ مُتَمَرِّد مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس ، لَكِنْ الْمُرَاد هُنَا شَيْطَان الْجِنّ خَاصَّة
( وَلَهُ ضُرَاط )
: بِضَمِّ الْمُعْجَمَة كَغُرَابٍ وَهُوَ رِيح مِنْ أَسْفَل الْإِنْسَان وَغَيْره ، وَهَذَا لِثِقَلِ الْأَذَان عَلَيْهِ كَمَا لِلْحِمَارِ مِنْ ثِقَل الْحَمْل . قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي . وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : هُوَ جُمْلَة اِسْمِيَّة وَقَعَتْ حَالًا . وَقَالَ عِيَاض : يُمْكِن حَمْله عَلَى ظَاهِره لِأَنَّهُ جِسْم مُتَغَذٍّ يَصِحّ مِنْهُ خُرُوج الرِّيح وَيَحْتَمِل أَنَّهَا عِبَارَة عَنْ شِدَّة نِفَاره . اِنْتَهَى قَالَ الطِّيبِيُّ@
الصفحة 213