كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
اِنْتَهَى . وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قِيلَ هُوَ مِنْ ثَابَ إِذَا رَجَعَ وَقِيلَ مِنْ ثَوَّبَ إِذَا أَشَارَ بِثَوْبِهِ عِنْد الْفَرَاغ لِإِعْلَامِ غَيْره . قَالَ الْجُمْهُور : الْمُرَاد بِالتَّثْوِيبِ هُنَا الْإِقَامَة وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرهمْ . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : ثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ إِذَا أُقِيمَتْ ، وَأَصْله أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَا يُشْبِه الْأَذَان ، وَكُلّ مَنْ رَدَّدَ صَوْتًا فَهُوَ مُثَوِّب ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة مُسْلِم فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : فَإِذَا سَمِعَ الْإِقَامَة ذَهَبَ
( حَتَّى يَخْطُر )
: بِضَمِّ الطَّاء . قَالَ عِيَاض : كَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ أَكْثَر الرُّوَاة وَضَبَطْنَاهُ عَنْ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْوَجْه ، وَمَعْنَاهُ يُوَسْوِس وَأَصْله مِنْ خَطَرَ الْبَعِير بِذَنَبِهِ إِذَا حَرَّكَهُ فَضَرَبَ بِهِ فَخِذَيْهِ ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَمِنْ الْمُرُور أَيْ يَدْنُو مِنْهُ فَيَمُرّ بَيْنه وَبَيْن قَلْبه فَيَشْغَلهُ ، وَصَفَ الْهَجَرِيّ فِي نَوَادِره : الضَّمّ مُطْلَقًا وَقَالَ : وَهُوَ يَخْطِر بِالْكَسْرِ فِي كُلّ شَيْء . قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح
( بَيْن الْمَرْء وَنَفْسه )
: أَيْ قَلْبه . قَالَ الْعَيْنِيّ : وَبِهَذَا التَّفْسِير يَحْصُل الْجَوَاب عَمَّا قِيلَ كَيْف يُتَصَوَّر خُطُوره بَيْن الْمَرْء وَنَفْسه وَهُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ شَيْء وَاحِد ، وَقَدْ يُجَاب بِأَنْ يَكُون تَمْثِيلًا لِغَايَةِ الْقُرْب مِنْهُ . اِنْتَهَى . قَالَ الْبَاجِيُّ : الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحُول بَيْن الْمَرْء وَبَيْن مَا يُرِيدهُ مِنْ إِقْبَاله عَلَى صَلَاته وَإِخْلَاصه فِيهَا
( لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُر )
: أَيْ لِشَيْءِ لَمْ يَكُنْ عَلَى ذِكْره قَبْل دُخُوله فِي الصَّلَاة . وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُر مِنْ قَبْل " قِيلَ : خَصَّهُ بِمَا يَعْلَم دُون مَا لَمْ يَعْلَم لِأَنَّهُ يَمِيل لِمَا يَعْلَم أَكْثَر لِتَحَقُّقِ وُجُوده ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ لِأَعَمّ مِنْ ذَلِكَ ، فَيَذْكُرهُ بِمَا سَبَقَ لَهُ بِهِ عِلْم لِيَشْغَل بَاله بِهِ ، وَبِمَا لَمْ يَكُنْ سَبَقَ لَهُ لِيُوقِعهُ فِي الْفِكْرَة فِيهِ
( حَتَّى يَظَلّ الرَّجُل )
: قَالَ الطِّيبِيُّ : كَرَّرَ حَتَّى فِي الْحَدِيث خَمْس مَرَّات الْأُولَى وَالْأَخِيرَتَانِ بِمَعْنَى كَي@
الصفحة 215