كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
وَالثَّانِيَة وَالثَّالِثَة دَخَلَتَا عَلَى الْجُمْلَتَيْنِ الشَّرْطِيَّتَيْنِ وَلَيْسَتَا لِلتَّعْلِيلِ . اِنْتَهَى . قَالَ فِي الْفَتْح : كَذَا لِلْجُمْهُورِ بِالظَّاءِ الْمُشَالَة الْمَفْتُوحَة . وَمَعْنَى يَظَلّ فِي الْأَصْل اِتِّصَاف لِمُخْبِر عَنْهُ بِالْخَبَرِ نَهَارًا لَكِنَّهَا هُنَا بِمَعْنَى يَصِير أَوْ يَبْقَى ، وَوَقَعَ عِنْد الْأَصِيلِيِّ : يَضِلّ بِكَسْرِ الضَّاد السَّاقِطَة أَيْ يَنْسَى وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا } أَوْ بِفَتْحِهَا أَيْ يُخْطِئ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى } وَالْمَشْهُور الْأَوَّل . اِنْتَهَى .
( أَنْ يَدْرِي )
: وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ " لَا يَدْرِي " قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : إِنْ بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَهِيَ نَافِيَة بِمَعْنَى لَا ، وَحَكَى اِبْن عَبْد الْبَرّ عَنْ الْأَكْثَر فِي الْمُوَطَّأ فَتْح الْهَمْزَة . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَيْسَتْ رِوَايَة الْفَتْح بِشَيْءٍ ، إِلَّا مَعَ رِوَايَة الضَّاد السَّاقِطَة فَتَكُون أَنْ مَعَ الْفِعْل بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَر وَمَفْعُول ضَلَّ إِنْ بِإِسْقَاطِ حَرْف الْجَرّ أَيْ يَضِلّ عَنْ دِرَايَته
( كَمْ صَلَّى )
: وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ فِي بَدْء الْخَلْق عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " حَتَّى لَا يَدْرِي أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا " . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْحِكْمَة فِي هُرُوب الشَّيْطَان عِنْد سَمَاع الْأَذَان وَالْإِقَامَة دُون سَمَاع الْقُرْآن وَالذِّكْر فِي الصَّلَاة ، فَقِيلَ : يَهْرَب حَتَّى لَا يَشْهَد لِلْمُؤَذِّنِ يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّهُ لَا يَسْمَع مَدَى صَوْت الْمُؤَذِّن جِنّ وَلَا إِنْس إِلَّا شَهِدَ لَهُ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الْأَذَان دُعَاء إِلَى الصَّلَاة الْمُشْتَمِلَة عَلَى السُّجُود الَّذِي أَبَاهُ وَعَصَى بِسَبَبِهِ وَغَيْر ذَلِكَ . قَالَ اِبْن بَطَّال : يُشْبِه أَنْ يَكُون الزَّجْر عَنْ خُرُوج الْمَرْء مِنْ الْمَسْجِد بَعْد أَنْ يُؤَذِّن الْمُؤَذِّن مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا يَكُون مُتَشَبِّهًا بِالشَّيْطَانِ الَّذِي يَفِرّ عِنْد سَمَاع الْأَذَان . وَاَللَّه أَعْلَم . قَالَ فِي الْفَتْح : قَالَ الْمُنْذَرِي : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ ، وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
أَيْ مُحَافَظَته .@
الصفحة 216