كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
مِنْهُمَا مُتَتَبَّع بِاعْتِبَارٍ . اِنْتَهَى . وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَنْ سُفْيَان عِنْد مُسْلِم قَالَ فَجَعَلْت أَتَتَبَّع فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا يَمِينًا وَشِمَالًا يَقُول حَيّ عَلَى الصَّلَاة حَيّ عَلَى الْفَلَاح الْحَدِيث قُلْت : قَوْله : " كُنْت أَتَتَبَّع فَمه هَاهُنَا وَهَاهُنَا " هُوَ مَحَلّ التَّرْجَمَة وَيُؤْخَذ مِنْهُ مُطَابَقَة الْحَدِيث بِالْبَابِ ، وَهُوَ اِسْتِدَارَة الْمُؤَذِّن فِي الْأَذَان كَمَا عَرَفْت مِنْ قَوْل الْحَافِظ
( قَالَ )
: أَبُو جُحَيْفَةَ
( وَعَلَيْهِ حُلَّة )
: هِيَ بِضَمِّ الْحَاء إِزَار وَرِدَاء . قَالَ اِبْن الْأَثِير : الْحُلَّة وَاحِدَة الْحُلَل وَهِيَ بُرُود الْيَمَن وَلَا تُسَمَّى حُلَّة ، إِلَّا أَنْ تَكُون ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْس وَاحِد
( حَمْرَاء )
: قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّه ، وَقَدْ زَعَمَ اِبْن الْقَيِّم أَنَّ الْحُلَّة الْحَمْرَاء بُرْدَانِ يَمَانِيَانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْر مَعَ الْأَسْوَد وَغَلِطَ مَنْ قَالَ : إِنَّهَا كَانَتْ حَمْرَاء بَحْتًا قَالَ وَهِيَ مَعْرُوفَة بِهَذَا الِاسْم . اِنْتَهَى . وَلَا يَخْفَاك أَنَّ الصَّحَابِيّ قَدْ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا حَمْرَاء هُوَ مِنْ أَهْل اللِّسَان . وَالْجَوَاب الْحَمْل عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيّ وَهُوَ الْحَمْرَاء الْبَحْت وَالْمَصِير إِلَى الْمَجَاز أَعْنِي كَوْن بَعْضهَا أَحْمَر دُون بَعْض لَا يُحْمَل ذَلِكَ الْوَصْف عَلَيْهِ إِلَّا لِمُوجِبٍ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ ذَلِكَ مَعْنَى الْحُلَّة الْحَمْرَاء لُغَة فَلَيْسَ فِي كُتُب اللُّغَة مَا يَشْهَد لِذَلِكَ ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَة شَرْعِيَّة فِيهَا ، فَالْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة لَا تَثْبُت بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى ، وَالْوَاجِب حَمْل مَقَالَة ذَلِكَ الصَّحَابِيّ عَلَى لُغَة الْعَرَب لِأَنَّهَا لِسَانه وَلِسَان قَوْمه . وَفِي فَتْح الْبَارِي أَنَّ فِي لُبْس الثَّوْب الْأَحْمَر سَبْعَة مَذَاهِب :
الْأَوَّل : الْجَوَاز مُطْلَقًا ، جَاءَ عَنْ عَلِيّ وَطَلْحَة وَعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر وَالْبَرَاء وَغَيْر وَاحِد مِنْ الصَّحَابَة وَعَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيّ وَأَبِي قِلَابَةَ وَطَائِفَة مِنْ التَّابِعِينَ .
الثَّانِي : الْمَنْع مُطْلَقًا وَلَمْ يَنْسُبهُ الْحَافِظ إِلَى قَائِل مُعَيَّن إِنَّمَا ذَكَرَ أَخْبَارًا وَآثَارًا يُعْرَف بِهَا مَنْ قَالَ بِذَلِكَ .@
الصفحة 220