كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
بِأَنَّ الْإِدْرَاج لَا يَثْبُت بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى ، وَقَدْ اِتَّفَقَتْ الرِّوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأ عَلَى إِثْبَاتهَا وَلَمْ يُصِبْ صَاحِب الْعُمْدَة فِي حَذْفهَا ، وَظَاهِر قَوْله مِثْل مَا يَقُول يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَقُول السَّامِع مِثْل مَا يَقُول الْمُؤَذِّن فِي جَمِيع أَلْفَاظ الْأَذَان الْحَيْعَلَتَيْنِ وَغَيْرهمَا ، لَكِنْ حَدِيث عُمَر بْن الْخَطَّاب الْآتِي يُخَصِّص الْحَيْعَلَتَيْنِ فَيَقُول السَّامِع مِثْل مَا يَقُول الْمُؤَذِّن فِيمَا عَدَا الْحَيْعَلَتَيْنِ ، وَأَمَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَيَقُول السَّامِع : لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ، كَذَلِكَ اِسْتَدَلَّ بِهِ اِبْن خُزَيْمَةَ ، وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
439 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّن )
: أَيْ صَوْته أَوْ أَذَانه
( فَقُولُوا )
: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوب إِجَابَة الْمُؤَذِّن ، حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْم مِنْ السَّلَف ، وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّة وَأَهْل الظَّاهِر وَابْن وَهْب . وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَغَيْره " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ مُؤَذِّنًا فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ عَلَى الْفِطْرَة ، فَلَمَّا تَشَهَّدَ قَالَ خَرَجَ مِنْ النَّار ، قَالَ فَلَمَّا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام غَيْر مَا قَالَ الْمُؤَذِّن عَلِمْنَا أَنَّ الْأَمْر بِذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ " وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِثْل مَا قَالَ ، فَيَجُوز أَنْ يَكُون قَالَهُ وَلَمْ يَنْقُلهُ الرَّاوِي اِكْتِفَاء بِالْعَادَةِ . وَنُقِلَ الْقَوْل الزَّائِد ، وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ وَقَعَ قَبْل صُدُور الْأَمْر . كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي
( مِثْل مَا يَقُول )
: أَيْ إِلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي . وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة : وَإِلَّا فِي قَوْله : الصَّلَاة خَيْر @
الصفحة 225