كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وَالدِّعْوَة بِالْكَسْرِ فِي النَّسَب وَالدُّعْوَة بِالضَّمِّ فِي الْحَرْب وَالْمُرَاد بِالدَّعْوَةِ هَاهُنَا أَلْفَاظ الْأَذَان الَّتِي يُدْعَى بِهَا الشَّخْص إِلَى عِبَادَة اللَّه تَعَالَى . قَالَهُ الْعَيْنِيّ وَفِي الْفَتْح زَادَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَوْن عَنْ عَلِيّ بْن عَيَّاش " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلك بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَة التَّامَّة " وَالْمُرَاد بِهَا دَعْوَة التَّوْحِيد كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَهُ دَعْوَة الْحَقّ }
( التَّامَّة )
: صِفَة لِلدَّعْوَةِ وُصِفَتْ بِالتَّمَامِ لِأَنَّ الشَّرِكَة نَقْص ، أَوْ التَّامَّة الَّتِي لَا يَدْخُلهَا تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل ، بَلْ هِيَ بَاقِيَة إِلَى يَوْم النُّشُور ، أَوْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَسْتَحِقّ صِفَة التَّمَام وَمَا سِوَاهَا فَمُعَرَّض لِلْفَسَادِ . وَقَالَ اِبْن التِّين : وُصِفَتْ بِالتَّامَّةِ ، لِأَنَّ فِيهَا أَتَمّ الْقَوْل وَهُوَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : مِنْ أَوَّله إِلَى قَوْله مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه هِيَ الدَّعْوَة التَّامَّة
( وَالصَّلَاة الْقَائِمَة )
: أَيْ الدَّائِمَة الَّتِي لَا يُغَيِّرهَا مِلَّة ، وَلَا يَنْسَخهَا شَرِيعَة وَأَنَّهَا قَائِمَة مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض
( آتِ )
: أَيْ أَعْطِ وَهُوَ أَمْر مِنْ الْإِيتَاء وَهُوَ الْإِعْطَاء
( الْوَسِيلَة )
: هِيَ الْمَنْزِلَة الْعَلِيَّة وَقَدْ فَسَّرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : " فَإِنَّهَا مَنْزِلَة فِي الْجَنَّة " كَمَا مَرَّ فِي الْحَدِيث السَّابِق ، وَوَقَعَ هَذَا التَّفْسِير فِي رِوَايَة مُسْلِم أَيْضًا
( وَالْفَضِيلَة )
: أَيْ الْمَرْتَبَة الزَّائِدَة عَلَى سَائِر الْخَلَائِق ، وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مَنْزِلَة أُخْرَى أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ
( وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا )
: أَيْ يُحْمَد الْقَائِم فِيهِ ، وَهُوَ مُطْلَق فِي كُلّ مَا يَجْلُب الْحَمْد مِنْ أَنْوَاع الْكَرَامَات ، وَنُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّة أَيْ اِبْعَثْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَأَقِمْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا أَوْ ضَمَّنَ اِبْعَثْهُ مَعْنَى أَقِمْهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول بِهِ ، وَمَعْنَى اِبْعَثْهُ أَعْطِهِ وَيَجُوز أَنْ يَكُون حَالًا أَيْ اِبْعَثْهُ ذَا مَقَام مَحْمُود . قَالَهُ الْحَافِظ . وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة : وَإِنَّمَا نَكَّرَ الْمَقَام لِلتَّفْخِيمِ أَيْ مَقَامًا يَغْبِطهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ مَحْمُودًا يَكِلّ عَنْ أَوْصَافه أَلْسِنَة الْحَامِدِينَ .
( الَّذِي وَعَدْته )
: زَادَ فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيِّ " إِنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ " وَقَالَ الطِّيبِيُّ@

الصفحة 232