كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

إِلَى يَوْمنَا هَذَا وَقَدْ أَحْدَثَ النَّاس تَثْوِيبًا ثَالِثًا بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة فَيَحْتَمِل أَنَّ الَّذِي كَرِهَهُ اِبْن عُمَر هُوَ الثَّالِث الْمُحْدَث أَوْ الثَّانِي وَهُوَ الصَّلَاة خَيْر مِنْ النَّوْم وَكَرِهَهُ لِأَنَّ زِيَادَته فِي أَذَان الظُّهْر بِدْعَة وَاَللَّه أَعْلَم اِنْتَهَى . قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه : قَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي تَفْسِير التَّثْوِيب فَقَالَ بَعْضهمْ التَّثْوِيب أَنْ يَقُول فِي أَذَان الْفَجْر الصَّلَاة خَيْر مِنْ النَّوْم ، وَهُوَ قَوْل اِبْن الْمُبَارَك وَأَحْمَد ، وَقَالَ إِسْحَاق فِي التَّثْوِيب غَيْر هَذَا قَالَ هُوَ شَيْء أَحْدَثه النَّاس بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّن فَاسْتَبْطَأَ الْقَوْم قَالَ بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة حَيّ عَلَى الصَّلَاة حَيّ عَلَى الْفَلَاح . وَهَذَا الَّذِي قَالَ إِسْحَاق هُوَ التَّثْوِيب الَّذِي كَرِهَهُ أَهْل الْعِلْم وَاَلَّذِي أَحْدَثُوهُ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَلَّذِي فَسَّرَه اِبْن الْمُبَارَك وَأَحْمَد أَنَّ التَّثْوِيب أَنْ يَقُول الْمُؤَذِّن فِي صَلَاة الْفَجْر الصَّلَاة خَيْر مِنْ النَّوْم ، فَهُوَ قَوْل صَحِيح وَيُقَال لَهُ التَّثَوُّب أَيْضًا ، وَهُوَ الَّذِي اِخْتَارَهُ أَهْل الْعِلْم وَرَأَوْهُ . وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي صَلَاة الْفَجْر الصَّلَاة خَيْر مِنْ النَّوْم . وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد قَالَ : دَخَلْت مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَسْجِدًا وَقَدْ أُذِّنَ فِيهِ وَنَحْنُ نُرِيد أَنْ نُصَلِّي فِيهِ فَثَوَّبَ الْمُؤَذِّن فَخَرَجَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر مِنْ الْمَسْجِد وَقَالَ اُخْرُجْ بِنَا مِنْ عِنْد هَذَا الْمُبْتَدِع وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر التَّثْوِيب الَّذِي أَحْدَثَهُ النَّاس بَعْد اِنْتَهَى . قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : وَالْأَصْل فِي التَّثْوِيب أَنَّ يَجِيء الرَّجُل مُسْتَصْرِخًا فَيُلَوِّح بِثَوْبِهِ لِيُرَى وَيَشْتَهِر فَسُمِّيَ الدُّعَاء تَثْوِيبًا لِذَلِكَ وَكُلّ دَاعٍ مُثَوِّب وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ تَثْوِيبًا مِنْ ثَابَ يَثُوب إِذَا رَجَعَ فَهُوَ رُجُوع إِلَى الْأَمْر بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الصَّلَاة ، وَأَنَّ الْمُؤَذِّن إِذَا قَالَ حَيّ عَلَى الصَّلَاة فَقَدْ دَعَاهُمْ إِلَيْهَا ، وَإِذَا قَالَ بَعْدهَا الصَّلَاة خَيْر مِنْ النَّوْم فَقَدْ رَجَعَ إِلَى كَلَام مَعْنَاهُ الْمُبَادَرَة إِلَيْهَا اِنْتَهَى .
( قَالَ )
عَبْد اللَّه بْن عُمَر
( اُخْرُجْ بِنَا )
: لِأَنَّهُ كَانَ أَعْمَى .@

الصفحة 242