كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الصَّلَاة فَقُمْنَا فَعَدَلْنَا الصُّفُوف قَبْل أَنْ يَخْرُج إِلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة : " أَنَّ الصَّلَاة كَانَتْ تُقَام لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافّهمْ قَبْل أَنْ يَقُوم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامه " . وَفِي رِوَايَة جَابِر بْن سَمُرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " كَانَ بِلَال رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُؤَذِّن إِذَا دَحَضَتْ ، وَلَا يُقِيم حَتَّى يَخْرُج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ الصَّلَاة حِين يَرَاهُ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : يُجْمَع بَيْن مُخْتَلِف هَذِهِ الْأَحَادِيث بِأَنَّ بِلَالًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ يُرَاقِب خُرُوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ غَيْره أَوْ إِلَّا الْقَلِيل ، فَعِنْد أَوَّل خُرُوجِهِ يُقِيم وَلَا يَقُوم النَّاس حَتَّى يَرَوْهُ ثُمَّ لَا يَقُوم مَقَامه حَتَّى يَعْدِلُوا الصُّفُوف ، وَقَوْله فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافّهمْ قَبْل خُرُوجه لَعَلَّهُ كَانَ مَرَّة أَوْ مَرَّتَيْنِ وَنَحْوهمَا لِبَيَانِ الْجَوَاز أَوْ لِعُذْرٍ ، وَلَعَلَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي " كَانَ بَعْد ذَلِكَ . قَالَ الْعُلَمَاء : وَالنَّهْي عَنْ الْقِيَام قَبْل أَنْ يَرَوْهُ لِئَلَّا يَطُول عَلَيْهِمْ الْقِيَام وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِض لَهُ عَارِض فَيَتَأَخَّر بِسَبَبِهِ . اِنْتَهَى . وَهَكَذَا قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح . وَقَالَ أَيْضًا قَالَ مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ لَمْ أَسْمَع فِي قِيَام النَّاس حِين تُقَام الصَّلَاة بِحَدٍّ مَحْدُود إِلَّا أَنِّي أَرَى ذَلِكَ عَلَى طَاقَة النَّاس فَإِنَّ مِنْهُمْ الثَّقِيل وَالْخَفِيف . وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُمْ إِذَا كَانَ الْإِمَام مَعَهُمْ فِي الْمَسْجِد لَمْ يَقُومُوا حَتَّى تَفْرُغ الْإِقَامَة . وَعَنْ أَنَس أَنَّهُ كَانَ يَقُوم إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّن قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة . رَوَاهُ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْره ، وَكَذَا رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَصْحَاب عَبْد اللَّه . وَعَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ : إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّن اللَّه أَكْبَر وَجَبَ الْقِيَام ، وَإِذَا قَالَ حَيّ عَلَى الصَّلَاة عُدِلَتْ الصُّفُوف ، وَإِذَا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه كَبَّرَ الْإِمَام وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة يَقُومُونَ إِذَا قَالَ حَيّ عَلَى الْفَلَاح ، فَإِذَا قَالَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة كَبَّرَ الْإِمَام ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ الْإِمَام فِي الْمَسْجِد ، فَذَهَبَ الْجُمْهُور@

الصفحة 245