كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

459 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( حِين تُقَام الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد إِلَخْ )
: وَرَدَ الْحَدِيث فِي كَشْف الْغُمَّة بِلَفْظِ " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَرَأَى النَّاس قَلِيلًا جَلَسَ ، وَإِنْ رَآهُمْ جَمَاعَة صَلَّى " وَهَذِهِ الرِّوَايَة مُرْسَلَة ، لِأَنَّ سَالِمًا أَبَا النَّضْر تَابِعِيّ ثِقَة ثَبْت وَكَانَ يُرْسِل ، لَكِنْ الرِّوَايَة الثَّانِيَة مُتَّصِلَة رَوَاهَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب مَرْفُوعًا . قُلْت : الِاتِّصَال بَيْن الْإِقَامَة وَالصَّلَاة لَيْسَ مِنْ الْمُؤَكَّدَات بَلْ يَجُوز الْفَصْل بَيْنهمَا لِأَمْرٍ حَادِث كَمَا مَرَّ ، لَكِنْ اِنْتِظَار الْإِمَام الْمَأْمُومِينَ وَجُلُوسه فِي الْمَسْجِد لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ بَعْد إِقَامَة الصَّلَاة ، فَلَمْ يَثْبُت إِلَّا مِنْ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ ، لَكِنْ الرِّوَايَة الْأُولَى مُرْسَلَة وَالثَّانِيَة فِيهَا أَبُو مَسْعُود الزُّرَقِيّ هُوَ مَجْهُول الْحَال ، فَفِي قَلْبِي فِي صِحَّة هَذَا الْمَتْن شَيْء ، وَأَظُنّ أَنَّ الْوَهْم قَدْ دَخَلَ عَلَى بَعْض الرُّوَاة ، فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُت مِنْ هَدْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِر بَعْد الْإِقَامَة ، وَإِنْ صَحَّتْ الرِّوَايَة فَيُشْبِه أَنْ يَكُون الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ تُقَام الصَّلَاة أَيْ تُؤَدَّى الصَّلَاة وَحَانَ وَقْت أَدَائِهَا ، فَلَفْظَة تُقَام لَيْسَ الْمُرَاد بِهَا الْإِقَامَة الْمَعْرُوفَة بِلِسَانِ الْمُؤَذِّن أَيْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة قَدْ قَامَتْ @

الصفحة 249